رغم السلام
إسرائيل تخشى من الطموحات النووية لكل من السعودية الإمارات ومصر
••••
تظل نظرية الأمن الإسرائيلي قائمة رغم التطورات الخاصة باتفاقيات السلام القائمة والجارية، وأيضا المستقبلية.
وفيما تفقد نظرية التفوق الجوي عذريتها باعتبار عدم القدرة التي توافرت سابقا للسيطرة على عمليات تسليح الدول العربية بأحدث الطائرات، أو ملاقاة هذا التسليح بالحصول على أسلحة أفضل من الجانب الأمبركي، فإن القلق الذي يسيطر على استراتيجيي الأمن في الدولة العبرية الآن يتعلق بالبرامج النووية في عدد من الدول العربية المجاورة والبعيدة.
وتحذر تقارير إسرائيلية من أن المملكة العربية السعودية تقوم بشكل منهجي ببناء بنية تحتية نووية يمكن أن تتحول بسهولة من الأغراض المدنية إلى الأغراض العسكرية، وأن السعودية التي تساير مصالحها الاستراتيجية سياسات الولايات المتحدة قد تكون دواة مختلفة في المستقبل.
وفوق انتقاد التقارير الإسرائيلية لإخفاقات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإشغال الأمة بثلاث جولات من الانتخابات وقريبا الرابعة، مع ما تسميه (كارثة ضم الضفة الغربية) والفشل في معالجة جائحة كورونا وأزمة الاقتصاد الخانقة فإنه يخفق أيضا في مواجهة أخطر تحديات الأمن القومي لإسرائيل: التسلح النووي في الشرق الأوسط ، والذي يستمر ليس فقط بلا هوادة وبزخم أكبر.
ويفيد تقرير نشرته صحيفة هآرتس اليسارية الليبرالية بأن المسألة النووية لم تعد تشمل إيران وحدها وإنما هناك برامج نووية، مدنية اسميًا، في عدة دول أخرى تعتبر حاليًا صديقة لإسرائيل أو غير معادية لها تتقدمها مصر والإمارات والسعودية.
ويرى التقرير أن الشعار السلمي للبرامج النووية لا يشكل مانعا دون تحولها مستقبلا للشق العسكري وهو ما جرى مع الجانب الإيراني.
ويتحدث التقرير عن برنامج دولة الإمارات العربية المتحدة، (الصديق الجديد الصغير) – حسب وصف التقرير – لإسرائيل، أصبحت أصبحت للتو أول دولة عربية تشغل مفاعلاً للطاقة النووية، هو الأول بين أربع مفاعلات في تحت الإنشاء من قبل شركة كورية جنوبية.
ويلاحظ التقرير أن غرفة التحكم في محطة براكة للطاقة النووية في أقصى الصحراء الغربية لدولة الإمارات العربية المتحدة، متصلة الآن بشبكة الكهرباء في الإمارات التي وافقت على التزام ما يسمى (المعيار الذهبي) الأمريكي والتخلي عن دورة وقود نووي مستقلة، وبالتالي التقليل من مخاطر التحول للشق العسكري للمفاعلات أو البرنامج.
ويلاحظ التقرير أن الإمارات ذات الموارد المالية الهائلة وطموحات أكبر، تكتسب الآن المعرفة التكنولوجية والبنية التحتية لبرنامج نووي عسكري مستقبلي، إذا رغبت في ذلك.
••••
في مصر ، من المقرر أن يبدأ بناء أربعة مفاعلات طاقة روسية، من المقرر أن يكتمل بحلول عام 2026، وفي منتصف العام المقبل ستبدأ الإجراءات الأولية اللازمة لبناء اثنين من أربعة مفاعلات روسية ستكتمل جميعها بحلول عام 2025.
وفي العام الماضي شدد الرئيس الركي رجب أردوغان على حق بلاده في امتلاك أسلحة نووية كرد على القدرات النووية التي نسبها إلى إسرائيل.
أما أكثر الأخبار إثارة للقلق كما يقول التقرير فتأتي من المملكة العربية السعودية، التي تقوم بشكل منهجي ببناء بنية تحتية نووية مدنية يمكن إعادة تشكيلها بسهولة لتصبح عسكرية.
وقريبا سيتم تشغيل مفاعل أبحاث بالقرب من الرياض تم إنشاؤه بمساعدة أرجنتينية، ويجري حاليًا إنشاء موقع غير معلن عنه في شمال غرب المملكة العربية السعودية، تشتبه المخابرات الأمريكية في أنه قد يكون لمعالجة اليورانيوم الطبيعي، وهي مرحلة حاسمة في بناء دورة وقود نووي مستقلة، بمساعدة صينية.
كما يشتبه في أن موقع آخر غير معلن، بالقرب من الرياض هو جزء من برنامج نووي غير معلن للسعودية، فيما تقوم شركة كورية جنوبية بتصميم مفاعل طاقة للسعوديين وهو الأول من بين مفاعلات عديدة مخطط لها.
كما يجري بناء منشأة صينية لتصنيع الصواريخ الباليستية، والتي يمكن أن تحمل رؤوسًا نووية، في المملكة العربية السعودية.
ويتساءل التقرير هل ستسلك المملكة العربية السعودية نفس طريق الصواريخ الباليستية مثل إيران، وذلك عبر يجري تشييدها بمساعدة التكنولوجيا الصينية لإنتاج صواريخ يمكن أن تحمل رؤوسًا حربية نووية.
وبالنظر إلى هذه التطورات تشعر الولايات المتحدة بقلق متزايد من أن السعوديين ربما يختبئون مواقع إضافية وأن البرنامج النووي قد لا يكون حقًا مدنيًا كما يُزعم السعوديون، حيث على العكس من الإمارات العربية المتحدة رفض السعوديون المطلب الأمريكي بالتخلي عن دورة وقود نووي مستقلة، مما أدى إلى تفاقم المخاوف بشأن نواياهم.
ولا يفرض التعاون النووي والصاروخي السعودي مع الصين قيودًا صارمة كما تريد الولايات المتحدة ما يثير قلقا متزايدا من أن السعوديين تبنوا سياسة “التحوط النووي” ، أي خلق الأساس لخيار نووي مستقبلي إذا قررت إيران اختيار سلاح نووي واحد.
وآخر التقارير تفيد أن إيران تقوم بإنشاء مفاعل طاقة روسي ثان، من بين ثلاثة مفاعلات من المقرر الانتهاء منها بحلول عام 2028.
وقد تخلت إيران بشكل أساسي عن التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، وهي الآن على بعد أشهر فقط من امتلاك مواد انشطارية كافية لصنع قنبلة أولى.
وقد فشلت جهود الولايات المتحدة لتكثيف الضغط على طهران بتمديد حظر مجلس الأمن على مبيعات الأسلحة التقليدية لإيران، والذي سينتهي في أكتوبر المقبل، وعلاوة على ذلك ، فإن المحاولة الحالية لاستخدام عقوبات “snapback” ربما تؤدي إلى تخلي إيران عن كافة التزاماتها والزوال النهائي للاتفاق وتسريع برنامج إيران النووي.
وقد حقق الضغط الأمريكي نتيجة واحدة لا لبس فيها وهي تعزيز خطير للعلاقات بين الصين وإيران، بما في ذلك العلاقات العسكرية.
وبينما تحرز إيران تقدمًا ثابتًا نحو قدرة “الاختراق” النووي بما يجعل المنطقة بأسرها تقترب من سيناريو (كابوسي) به عدة قوى نووية فإن هذا يعني انهيار سياسات ترامب ونتنياهو تجاه هذه المسألة خلال أربع سنوات.
إن ما يسمى بـ “مبدأ بيغن” والذي ينص على أن إسرائيل ستتخذ جميع الإجراءات، بما في ذلك العسكرية لمنع أي جهة معادية في المنطقة من امتلاك أسلحة نووية تم تنفيذها حتى الآن في حالتي العراق وسوريا، ولكن لم يتم تطبيقه مع إيران.
وفوق هذا هناك أربع دول أخرى، هي السعودية والإمارات ومصر وتركيا، تنضم إلى إيران في قائمة أولئك الذين قد لا يكون مبدأ بيغن قابلاً للتطبيق ضدهم.
والأربعة جميعهم حلفاء للولايات المتحدة ويتمتعون بضمان أمريكي لأمنهم، كما أن لإسرائيل علاقات سلمية رسمية أو غير رسمية معهم جميعاً، وهكذا فإن قصف منشآتهم ليس خيارًا متاحا أو قائما.
ويطالب التقرير حكومة إسرائيل بأن تشجع الإدارة الأمريكية القادمة على الوقوف بحزم وراء مطلبها بأن يتبنى السعوديون “المعيار الذهبي” والتخلي عن دورة وقود نووي مستقلة، حتى لو كان ذلك ينطوي على خطر حدوث خلاف مؤقت بين الأمريكيين والسعوديين.
ويرى التقرير أن السعوديين هم حلقة الوصل الحاسمة في كل من السياسة الأمريكية والإسرائيلية تجاه إيران، ولكن هذا لا يعني السماح لهم بتطوير برنامج نووي عسكري خاص بهم، لأن السعودية التي تتوافق مصالحها الاستراتيجية مع مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل اليوم، قد تكون دولة مختلفة تمامًا في المستقبل.
ويلاحظ التقرير أن السعودية تخضع فعلا لتغييرات داخلية مثيرة، أدت إلى تراجع إدارة ترامب فيما يتعلق بالمعيار الذهبي، لكن هناك دعمًا من الحزبين في الكونغرس لمطلب أن يتبنى السعوديون هذا المعيار.
ومن أجل التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران قبل أن تصبح حقًا دولة نووية ، يجب على الإدارة الأمريكية المقبلة الاستفادة من النفوذ الاقتصادي الذي نجحت إدارة ترامب في خلقه.
ويقول التقرير بأنه حان الوقت لتصالح إسرائيلي مع حقيقة مريرة، وهي أنه من أجل التوصل إلى ااتفاق نووي أفضل يتعين أن نقدم لإيران حوافز بعيدة المدى وإلا فلن تتفاوض معنا، حيث يجب على إسرائيل أن تقرر ما هي المطالب الحاسمة للغاية بالنسبة لها وأين يمكننا تقديم تنازلات، حتى نتمكن من تقديم موقف متماسك للإدارة المقبلة في أقرب وقت ممكن.
ويلاحظ التقرير أن جو بايدن هو أكثر قدرة من دونالد ترامب على التوصل إلى اتفاق جديد وأفضل بشأن طموحات إيران النووية.
أما الخلاصة فهي أن مبدأ بيغن لا ينطبق على إيران وعلى الأقل على الدول الأربع الإضافية “الصديقة” التي لديها برامج نووية، ما يجعل خيارات إسرائيل محدودة.
ويدعو التقرير إلى تحالف مع الدول السنية العربية بعد إتمام اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
كما يدعو التقرير إلى إعادة بناء العلاقات مع الديمقراطيين الذين قد يقودون الولايات المتحدة بعد انتخابات نوفمبر مع بذل قصارى الجهود لتحقيق تقدم مع الفلسطينيين، والخروج من المكائد التي لها هدف واحد وهو حماية رئيس الوزراء نتنياهو.