الأتراك يظنون أننا معجبون بقصصهم الدرامية.. هل تتخيل!؟

مقالات

‏الأتراك يظنون أننا معجبون بقصصهم الدرامية.. هل تتخيل!؟
بقلم – *شمعة أحمد
استوقفني تعليق لأحد (نجوم) الدراما التركية تسيس الدراما العربية
‏تعليق لأحد نجوم الدراما التركية وصف فيه الدراما العربية بالسيئة.. ولم يدهشني هذا، لأن المتابعة العربية للدراما التركية جعلت هؤلاء يعتقدون بسوء المنتج الدرامي لدينا، إنما استوقفتني ردود الشباب العربي مدافعاً عن (درامته)، واصفا الدراما التركية بأنها قائمة على اللصوصية، فكل شيء عندهم مسروق من الدراما الكورية والصينية وحتى اليابانية.
بل هناك من أضاف بأن الدراما العربية السورية هي أفضل دراما عربية وقد تكون دراما تنافسية على مستوى العالم.
هؤلاء أجبروا الممثل على الإعتذار هم قادرون على إجبار الدراما التركية برمتها على الركوع لمزاجهم وتوجهاتهم!.
شبابنا لا ينقصه الوعي الذي ينقص رواد صناعة الدراما لدينا ولو تُرك الأمر لهم لانتشلوا صناعة الدراما عندنا من الوحل الساقطة فيه.
‏في البداية يجب علينا شرح أسباب تردي السوق الدرامي. ⁧‫#غانم_السليطي‬⁩ الممثل القطري المعروف ذكر في مقابلة تلفزيونة أنه أراد دراسة التمثيل فذهب لمعهد التمثيل المسرحي في الكويت فكان فرزه بقسم الكتابة المسرحية، فترك المعهد وذهب لمعهد التمثيل في مصر وتم فرزه على نفس القسم!.
لم يدرك سبب ذلك وظلت حسرة عدم دراسته للتمثيل ملازمته إلى ما بعد التخرج.
لكنه عندما عاد لقطر لم يكن يدرك بأنه سيكون أحد رواد الكتابة والتمثيل في العالم العربي أجمع.
في تلك الفترة كانت شركات الإنتاج ذات الدعم الإعلامي الحكومي هي الجهة الوحيدة التي تهيمن على (سوق) الدراما، فكانت تعطي فرص متساوية وتشترط مضامين متوافقة مع المجتمع وليست غريبة عنه.
كبار عمالقة الأدب هم من كانوا يكتبون النصوص مع كبار الشعراء والملحنين والموسيقين ليتحفنا كبار المطربين بطرب تهفو له نفسك عند سماعه، دون أن نبخس المصورين والمخرجين دورهم في إخراج عمل متكامل كان مؤهلا للبقاء في الذاكرة لعشرات السنين.
من هنا نخلص إلى أن الدراما لم تكن مجالاً للعبث الحاصل هذه الأيام.. حيث مجرد وجه جميل معدوم الثقافة مع شركة إنتاج تسعى للربح دون النظر للمحتوى الفني وحتى الأخلاقي مع توجه تغريبي بعيد عن كينونة المجتمع.
عندما تسأل مشاهدا بسيطا عن عزوفه عن مشاهدة الدراما العربية وتوجهه للدراما التركية مثلاً يقول لك بكل بساطة: “لا أجد نفسي في درامتنا”، وتسأله: هل تجد نفسك بالدراما التركية!؟ فيقول لك بكل بساطة: نعم!.
هنا نعود إلى مبدأ التسيس، لنجد أن الدراما العربية غرقت في التغرب حيث عكف التيار الليبرالي المسيطر على الإعلام العربي لسلخ المجتمع من قيمه بحجة محاربة التيار المتشدد والتراثي والطبيعي، ولصالح حليفه التيار الأخواني الذي عمد بقيادة سلطانه التركي إلى أسلمة الدراما التركية فعمد لهدم سوريا لسلبها صناعتها بما في ذلك (درامتها)، فالسوريون هم العنصر الأقوى لدينا في الدراما التاريخية ولن يستطيع سلطان الأخونج فرض هيمنته إلا باستجلاب الحقبة العثمانية وفرضها درامياً، ومن ثم واقعياً كنموذج إسلامي يحتذى به.
وكذلك يسفر هذا عن تنشيط سياحته كبيئة مماثلة للبيئة العربية من حيث قيّمها فالعربي لا يحس بالغربة كتلك التي يحسها عند مشاهدتها للدراما العربية، رغم إن تركيا في درامتها تسوق لتقبل المثلية، وتروج لقانون الزواج المدني الذي يرفض التعدد ويعتبر الزوجة الثانية غير شرعية، وولدها غير شرعي، ويبرر الخيانات الزوجية، ويحقر من نظام الدولة ويعزز مفهوم اللصوصية ويربط التدين بالمليشيات الأرهابية ويسوق لرومانسية الرجل التركي الذي هو منها براء!.
وقد سُئل أحد النجوم الأتراك عن الرومانسية في الدراما التركية فأجاب: الرجل التركي رجل خشن وجلف في معاملته للمرأة لذلك هم يعززون الرومانسية لينشئ جيل رومانسي!.
هنا تسأل: ألا يوجد تسييس في الدراما العربية!؟ فأقول لك: نعم يوجد ولكنه تسييس سلبي وغير إيجابي.
مصر بعد ⁧‫#ثورة_يناير‬⁩ كانت الدراما فيها تحاول تعزيز الثورة وكل المسلسلات في تلك الفترة كانت تهاجم رجل الأمن، وبعدها أستدركت الموضوع أصبحت تهاجم الإخوان وبعد زيادة وتيرة العمليات الأرهابية لتعزز من سلطة الجيش ⁧‫#الممر‬⁩ ⁧‫#كلبش‬⁩ ⁧‫#الإختيار‬⁩ الذي سوف يعرض رمضان الحالي لتكريم الشهيد ⁧‫#أحمد_منسي‬⁩ وتسليط الضوء على خيانة ⁧‫#هشام‬⁩ _العشماوي الذي أُعدم قبل فترةٍ وجيزة.
‏وبسبب موقف الدول العربية من نظام بشار الأسد توقفت كل القنوات عن بث أي مسلسل يكون من إنتاج التلفزيون السوري أو شركات الإنتاج ذات الدعم الحكومي مما أسهم في ضعف هذه الدراما لصالح تركيا.
الدراما الخليجية بدورها هي الأسوء، حيث تركيزهم على المشاكل الإجتماعية بنهايات مأساوية، مع تفريغ المسلسل من المحتوى الهادف، والتركيز الأبطال لتسويق أزياءهم عوضا عن تسويق أدوارهم، وخلا المسلسل من النص الجيد والإخراج المبدع.
كم كنتُ أتمنى أن يكون التسييس الدرامي لدينا لصالح قيّم مجتمعنا ولترسيخ عروبتنا ولحفظ أمانة ديننا ولكن يبدو ذلك مستحيلاً لوجود أحزاب مسيطرة على الإعلام تعمل لصالح ثنائي القطب ⁧‫#الليبرليون‬⁩ ⁧‫#الأخوان‬⁩ ولصالح أجندات تريد سلب عروبتنا وديننا لتنسبه لغيرنا.
‏*شمعة أحمد
‏كاتبة رأي ومدِّونة أدبية سعودية