الترك يرثون خيبة الفرس

مقالات

الترك يرثون خيبة الفرس

‏يوسف علاونة:

‏نتحدث عن (المشروع التركي) الطوراني، باعتبار أن (المشروع الإيراني) المجوسي مشغول الآن بالانفجارات وتوسل الرحمة من الأميركيين بفضل تفاهمهم مع العرب، لنلاحظ الأمور التالية:

‏1- انكشفت الأطماع التركية للشعوب العربية بعد سنوات طويلة من المراوغة، التي تم تضليل الناس فيها تاريخيا وباسم الدين، وصار جليا أن الترك بزعامة رئيسهم ينظرون إلى بلادنا بنفس الطريقة، فالفرس يمتطون الدين الشيعي للوصول إلى هدف قومي بائسٍ بائد بائس، والترك يمتطون عدة أدوات على رأسها جماعة الاخوان للوصول إلى هدف قومي منقرض.

وفيما استقبل الشعب العربي بالذهول خطابا للرئيس التركي عدد فيه مدنا عربية كثيرة باعتبارها تركية، وقال وسط تصفيق الحاضرين بأن تركية الحالية ليست هي تركية الحقيقية، لقي قرار البرلمان العربي ب (التصدي لتركية) تأييدا شعبيا كبيرا حث الحكومات على أخذ مواقف صلبة من هذه الأوهام المريضة.

2- تقف تركية على نفس المنحنى الذي تقف عليه إيران في سورية، ولم يبق للترك هناك غير منطقة صغيرة خارج (سيطرة روسيا) وهي سيطرة مقبولة من العالم العربي لأنها تضمن وحدة سورية وتعيد الاعتبار لها ككيان عربي مستقل ضمن ترتيبات داخلية ضرورية، ففيما تتم ملاحقة ميليشيات إيران بالقصف، لم يبق للترك غير مرتزقة وتراكيب إرهابية في محيط مدينة إدلب يتم استغلالها في محاولة فاشلة لوضع قدم في ليبيا، جل همها من أزمة الشعب الليبي هو الحصول على حصة نفطية.

3- كما أدى التنمر المجوسي إلى انتفاضة سعودية أسفر التنمر الطوراني إلى يقظة مصرية وضعت خطوطا حمراء مؤقتة حاليا، فمصر بخط سرت الأحمر حظرت على الأتراك الوصول إلى مبتغاهم وهو المثلث النفطي الغني، وهذا هدف عاجل مؤقت لأن الهدف الأكبر الذي يتم العمل عليه الآن هو أن ليبيا كله عمق عربي استراتيجي لمصر لا يمكن التخلي عنه بأي شكل من الأشكال وتاليا تركه ساحة للأمراض النفسية (العصمنلية).

4- بناء عليه فإن ما يجري مع تركية الآن في ليبيا هو نفس ما جرى مع إيران حيثما حاولت دس أنفها، مجرد استنزاف بلا ثمر وجهد بلا نتيجة، أولا لعدم الأهلية وثانيا لعدم تقبل المجتمع الدولي، وثالثا لأن العرب يقدرون على تعريب كل أحد فيما الفرس والترك لا قدرة لديهم على فرسنة أو تتريك العرب.

5- فيما استغرق الوصول إلى قهر المشروع المجوسي سنوات طويلة، والذي تمدد مخترقا كل الصعد، ابتداء من نكبة غزو العراق للكويت، وصولا للاحتلال الأميركي للعراق ثم تسليمه مفروشا للأطماع الفارسية، وفيما وصل المشروع المجوسي إلى حد تهديد العصب العربي الأول (الكعبة) انطلاقا من اليمن، فوقعت الثورة العربية الأكبر (عاصمة الحزم)، لتضع حدا لأوهام الفرس، كان التمدد التركي (الجبان) نحو سرت -عبر مرتزقة معظمهم من الأطفال- مدعاة لرد مصري حاسم، تقبلته القوى الرئيسية المعنية (فرنسا وإيطاليا وروسيا)، فيما ازدادت فضائح (الوفاق) أمام واشنطن التي راهنت عليها بعض الوقت.

6- وكما أسهمت العقوبات الأميركية المتجددة مع بدء ولاية الرئيس دونالد ترامب، في إخماد أطماع إيران، جاءت جائحة كورونا كهبة من السماء للعرب فكان أثرها على الاقتصاد التركي كاسحا، حيث انخفاض شديد في كافة الموارد ما يضعف حركة تركية (في التدخل)، ويكبدها خسائر لا قدرة لها على تحملها.

7- بينما تعاني إيران من التوترات الداخلية (بين النظام وبين الشعب)، يمثل إخفاق الرئيس اردوغان في العلاقات الخارجية واستعداء المحيط الإقليمي البند الأول في الحملة الانتخابية المقبلة، ويواجه حزب العدالة الحاكم انقسامات شديدة يرتفع فيها صوت رفاق اردوغان القدماء بمعارضة قاسية، وهذا فضلا عن المصاعب التركية المزمنة مع الأكراد واليونان والأرمن وقبرص، وكذلك حال التوهان الاستراتيجي بين شراكة اقتصادية متنامية مع الروس، والتزامات تاريخية مع حلف الأطلسي.

8- ومن باب (التشويق الدرامي) أضيفت بمحض الصدفة فضائح شركاء اردوغان العرب من جماعة الإخوان، الذين يراهنون على المشروع التركي، فجعلتهم تسريبات خيمة معمر القذافي، بين وضعيتي السخرية والاتهام من بلادهم العربية، الأمر الذي سيسهم دون شك باضمحلالهم وزوال آثارهم المتبقية، حيث بات واضحا للرأي العام الآن اشتغالهم ضد بلادهم لصالح الأعاجم بشقيهم: الفرس والترك.

ختاما إنها مرحلة صعبة يعيشها عالمنا العربي بين فكي كماشة طامعين، يعززهما جواسيس وأذرعة وأخاديد مدسوسة في الداخل، لكن الظرف الموضوعي يتطور ولله الحمد ناحية أن لا خبز ولا أدام سواء للفرس أو الترك في بلاد العرب.. فقط للعرب.

@yousf_alwnah