الصورة الكاذبة.. وسياسة قطر الكاذبة

مقالات

الصورة الكاذبة.. وسياسة قطر الكاذبة
‏يوسف علاونة:
‏••••
‏تعيش دولة قطر حالة من اللاوعي، تشبه أي حالة (لاوعي) أي مستخدم للسوشال ميديا.. شاب يعيش مراهقة منجرفة.. مريض نفسيا.. صعلوك فالت يسير دون أن يلوي على شيء!.
‏وسبب هذه الحالة القطرية بسيط جدا وظاهر للغاية، وهي أن قيادة قطر تنظر إلى نفسها وبلدها بطريقة تشبه وبكل دقة، القط الذي يقف أمام المرآة منتفخا فيرى نفسه أسدا توجوه ملكا على الغابة، حتى إذا جروا أمامه حبلا صغيرا أو خيطا رفيعا، أصابته حالة من الهيستيريا المثيرة للضحك، يعلمها كل من ربى قطا أو عايش عالم القطط!.
وقد وفر عصر الإعلام الفضائي ومنصات التواصل الاجتماعي والإعلامي أرضية لهذا الوهم في قطر، فبني على (قدرة الوصول والتداول) في (الفضائية) وفي (الهاشتاق) و (الريتويت) خيال خصب من أن قطر صارت دولة عظمى، تقرر وتخطط وتصنع التاريخ، وتحدد المستقبل!.
والمؤسف أن ما نريد قوله لقطر وقيادتها المندفعة وراء أوهام الفرس والترك والفرق الضالة البائسة من خوارج وروافض، يمكن أن يفهمه التلاميذ الصغار في الصفوف الابتدائية.. ذلك أن صناعة التاريخ والتأثير في يا عمو حبيبي دولة قطر، لا يتم هكذا.. عفية على الشطار الحلوين!.
‏التاريخ أيها الأشقاء أخ شقيق للجغرافية!.
‏والقوة لها صلة وثيقة بعدد السكان، وكل ذلك يجب أن تحركه (ايدولوجيا) أو عقيدة متماسكة تقوم على جملة مبادئ راسخة، مع قوات مسلحة كونية يحسب حسابها العدو، ويحترمها الصديق، مع جنرالات يقودونها في ميادين العمليات القتالية.
ودولة قطر الشقيقة لا تملك شيئا من كل ما سبق، وحتى قناتها الفضائية لا يوجد فيها مذيع أو معد أو مخرج أو منتج قطري واحد!.. وهي قناة شبه مؤجرة بالكامل لجماعة سياسية إسلاموية منقرضة (جماعة الإخوان المسلمين)، لها أهداف معادية للعرب وموالية للفرس والترك، وتأخذ خطابا دعائيا ضد نظم شقيقة للنظام القطري، فهي أسر حاكمة ملكية أو أميرية وراثية، وهو نفس الحال القائم في قطر!.. فإذا كان آل سعود وآل نهيان وآل صباح الخ الخ لا يعجبون جماعة الإخوان ومن ورائها التشيع المجوسي والطورانية التركية، فلماذا يعجب هؤلاء آل نظام ثاني فيريدون لهم البقاء كحكام لقطر!؟.
وقطر جغرافيا عبارة عن نتوء جغرافي على شكل شبه جزيرة صغيرة نابتة أو طالعة من شبه الجزيرة العربية فتنتمي إليها، وليس لها حد بري مع أي تضاريس أخرى، أو بلد آخر غير المملكة العربية السعودية، وكل هذا (شبه جزيرة قطر) مساحة ضئيلة يمكن لبطاريتي مدفعية تغطيتها بالكامل، دعك من القدرة على إغلاق الباب عليها بالضبة والمفتاح وعزلها من الناحية البرية كليا، لتكون مجرد كيان صغير يتغذى على شرياني التواصل الجوي والبحري دون أي عجلات تدب على الأرض، ما تترجمه الحالة التهكمية المؤسفة التي يستخدمها الأشقاء في الخليج العربي عند سجالاتهم مع القطريين: الشبك الشبك!.
ولسنا في وارد تعداد وتفنيد القوات المسلحة القطرية، فهذا شكل من أشكال العبث، وإذ كنا نتمنى البركة والزيادة في عدد القطريين فأيضا عدد السكان محدود وضيئيل، ليكون هذا شيئا بسيطا إذا انتقلنا لما هو أهم، فقطر لا تتمتع بأي منجزات إضافية عن جيرانها في الخليج، بل هي متخلفة عما تحقق في الشقيقة العظمى السعودية، أو الشقيقة الكبرى الإمارات، دون إغفال أن قطر كانت ضيعة أو ولاية تابعة للدولة السعودية، أو جزءًا من (الإمارات المتحدة)، وكذلك الكويت والبحرين.. هذا إذا حصرنا الإنجاز في مجال العمران والبناء والتخضير والحكومة الذكية الرشيدة، والمستويات العلمية والثقافية.
فإذا وصلنا إلى ما هو (إنساني) وضمن منظور أبعد وأكثر جاذبية عند مروجي (الديمقراطية) و (حقوق الإنسان) سنجد قطر دولة خالية من أي نوع من أنواع التمثيل الشعبي والنقابي والحريات الصحفية، بل حتى النسيج القبلي المهم الذي تقوم عليه دول المنطقة جرى تمزيقه في قطر!.
وليس الأمر أن قطر خالية حتى من نقابة للأطباء البياطرة!.. ولا في عدم وجود أي مساحة لحرية التعبير، بل لدينا مشردون وسجناء ومضطهدون من أسرة آل ثاني الحاكمة، ومن أبناء الأمير الوالد نفسه (إخوة الأمير تميم)، وبينما ترعى قطر كل فرع لجماعة الإخوان المسلمين فإن الجماعة محظورة في قطر!.
ولسنا نقصد السخرية والله، ولكن الامبراطوريات والكيانات الكبرى في التاريخ قامت على القوة العسكرية الهائلة، والاقتصادات العملاقة، وإلا فهناك 200 دولة في العالم غير الدول الأعظم والعظمى والكبرى والمالكة لقدرات التأثير وبمستويات تناسب حجومها العسكرية والاقتصادية والحضارية، وهو غير متوافر لدولة قطر.
‏موازين القوى في العالم أيها الأشقاء لا تقوم على قوة الهاشتاق والريتويت، وملء الذباب الالكتروني لصفحات الحسابات، ولا للبرامج التي يعدها ويوجه بها فريق مخابرات غبي لا يفقه في عالم السياسة والإعلام الفرق بين الألف وكوز الذرة!.
وفريق المتجمعين في الدوحة أو على البعد كمستشارين وناصحين للقيادة القطرية ليس غير شتات شذر مذر غير متجانس، يتوزعون بين اليسارية والعبثية والقومجية والإسلاموية، كل مؤهلاتهم هي بؤس ما صنعوا في بلادهم من الخراب والفساد والتخلف، فجاؤوا مؤتلفين إلى قطر بوصفها فرصة عمل لا أكثر!.
هذا الواقع الأسود الذي تعيشه قيادة قطر هو ما يؤدي إلى المخازي والكبوات التي باتت مكشوفة للقاصي والداني، والعارف وغير العارف، التي تقع فيها قطر، ومنها دموع الأمير تميم على الشيخ صباح الأحمد رحمة الله عليه في صورة جرى ترويجها لإثبات أن قطر حزينة على الأمير الراحل أكثر من غيرها!.
وكأن الأمير تميم كان رفيق عمر الشيخ صباح الأحمد، وزميله في التحولات الكبرى التي عاشها الرجل، مع أن تميم أصغر سنا من أحفاد أبناء الشيخ صباح، الذي كان يتولى مسؤوليات في الشأن العام عام 1956 قبل أن تولد والدة الأمير تميم الشيخة موزة، دعك من متى ولد تميم ومر على وجوده في الحياة يوم واحد.
لقد كانت جنازة الأمير الراحل رمزية تماما، والأولى بمقامها الكبير أن يذهب شعب الكويت كله شيبا وشبانا، ورجالا ونساء إلى التشييع، لكن ظروف جائحة كورونا، جعلت الدول تقوم بالواجب في أقل مضايقة وإشغال للأشقاء في الكويت، واحتراما لرغبتهم فإذا بالأمير تميم يجهش بالبكاء في المقبرة!.
لم يذهب تميم إلا للاستعراض فهو الزعيم الوحيد الذي حضر.. والغالب بحسب مراقبين كثيرين أن قطر عرفت (وهذا ليس سرا) أن القيادات الخليجية والعربية الأولى لن تذهب للمشاركة في الجنازة، فقررت قطر منح شيعة وإخونجية الكويت هذا السبق (السوشيلي) للمزايدة وبث الخبث انطلاقا منه.
لكن الباغي تدور عليه الدوائر!.
‏فدموع الصورة ثبت أنها فوتوشوب!.. واعتذرت الصحيفة التي نشرتها (القبس)، ونشرت اللقطة الحقيقية من دون دموع.. فلله الحمد والمنة كان فيها الأمير تميم متماسك تماما كالرجال!.
يوسف علاونة
تويتر
@yousef_alwnah