نوري السعيد
العصر الملكي الذي تدمر العراق بعده
••••
اللواء شاكر العزاوي اللذي شارك بأنقلاب 14/تموز/1958 يقول في مذكراته
في العهد الملكي وعندما كان الباشا نوري السعيد رئيساً للوزراء اعلنت وزارة الدفاع عن فتح مناقصة لاستيراد خيم للجيش العراقي
(چوادر) ونشرت بالجريدة الرسمية مما حدى ببعض المتخصصين والمواطنين بتقديم عروض لغرض استيرادها فتم تقديم النماذج بعد مخاطبة بعض البلدان من قبل التجار وتم تقديمهم للنماذج وبعد طرحها على اللجنة العليا المختصة في وزارة الدفاع وبعد الاطلاع والمفاضلة وقع الاختيار على العرض المرسل من قبل (الهند).
التاجر الذي فاز بالنموذج الهندي كان تاجرا من الدرجة الرابعة وغير مقتدر على دفع قيمة المبلغ لغرض اكمال استيراد الدفعة وأصبح محرجا لأن الوقت يسرع مما أجبره على بيع منزله واقناع شقيقتهُ ايضاً ببيع منزلها لقاء وعود بمنحها مكافأة على الصفقة.
وعندما وصلت الكمية الى مقر الوزارة بعد قيامه بالتسديد للجانب الهندي وعند اطلاع اللجنة على البضاعة القادمة تم رفضها جملة وتفصيلاً لاختلافها عن النموذج الذي تم معاينته مسبقا من قبل اللجنة، فانصدم هذا التاجر المسكين بعد هدر أمواله وأموال شقيقته وبقي في البيت في حالة من الهستيريا والجنون.
ومرت الاسابيع وأخاه حزين على ما آل إليه الحال بمصير شقيقه الذي قد يفقد حياته فقام شقيقه بطلب مقابلة (الباشا نوري السعيد)، واستعرض قصة أخيه وكيف تعرض للغش والخداع وتبديل البضاعة من قبل الهنود فقال له الباشا: اذهب لمنزلك وأنا سوف أعالج الأمر
فرجع الاخ لبيته وكله أمل بقدرة الباشا على إيجاد حل.. أما الباشا (نوري السعيد) فقد قام في اليوم التالي بإرسال ممثل عنه طلب من السفير الهندي مقابلته فورا وعندما تم اللقاء أبلغ الباشا السفير:
أمامكم مهلة أسبوع فقط لمعالجة هذه الشحنة غير المطابقة للنموذج السابق وإلا فخذ ربعك واخرج من العراق فوراً واغلق السفارة!.. فّجن جنون السفير وخاطب دولته بالأمر فأتاه الرد في اليوم التالي من الهند بان الوجبة المرسله للعراق من الخيم مجانية وسوف نرسل لكم وجبة من أروع وامتن الخيم باقصى سرعة!.. فتم معالجة قضية هذا التاجر المسكين بالحنكة وبسرعة وبالسياسة الصحيحة.. وهذا هو العصر الملكي ورجاله.
العصر الملكي الذي تدمر العراق بعده
