توطين الوظائف في الإمارات

مقالات

مقال عن توطين الوظائف في الإمارات

••••

بقلم- *خليفة جمعة الرميثي

(بعض ..شركاتنا)

⁃ بعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، تسابق الجميع في إعلاء اسم هذا الوطن كل بطريقته وجهده، وبدأ إنشاء الكثير من الشركات الوطنية للنهوض بالاقتصاد الوطني، واصطبغت مجالس إدارات هذه الشركات بروح الاتحاد، مع نظرة تطلعية مستقبلية في فترة السبعينات على أمل ان تصبح هذه الشركات هي الخيار الأول لأبناء الوطن من الخريجين والخريجات.

وكانت هذه المؤسسات الوطنية تهتم بجذب العمالة الإماراتية وإغرائها بمميزات وظروف عمل ومستوى اجتماعي راقٍ من كافة النواحي، بالإضافة للتدريب والتطوير المستمر لخلق فرص ترقي مستدامة، وكانت أغلب مجالس الإدارت تضع نصب أعينها هذه المسؤولية الوطنية والمتمثلة في:(استقطاب المواطنين وتطويرهم ونقل قيادة هذه المؤسسات فيما بعد لهم)، وبعد أكثر من أربعين سنه أصبحت هذه المؤسسات على مستوى الطموح ونافست على المستوى المحلي والدولي، بحيث أصبحت من أكثر الشركات تأثيرا في مجالها (تشغيلاً وربحاً) بحسب ما تم التخطيط له من مؤسسيها وإداراتها السابقة، وكان متوقعا أن يستمر هذا التطور والتوسع اعتمادا على الخبرات الوطنية التراكمية خلال اكثر من 40 عاما، ولكن للأسف خابت توقعاتنا في بعض هذه المؤسسات حيث لاحظنا تراجعا كبيرا في مستوى (توظيف واستبقاء) المواطنيين، مع (تدهور) في مستوى الخدمات واستمرار (شكاوي) المتعاملين والسؤال ماالذي تغير؟.. وما الذي (لم تتعلمه) الإدارات الجديدة من الإدارات السابقة؟.

بعض شركاتنا خلال السنوات الماضية بنت بنية تحتية قوية، ونظاما إداريا متميزا، وموظفين مواطنين أكفاء، ومستوى تشغيلي ناجح وسمعة دولية رفيعة فأين كانت المشكلة؟.

للاسف أن بعض العقليات الإدارية الجديدة تريد تحقيق (ارباح اضافية) عن طريق التخلص من (التكاليف التشغيلية للمواطنين)، وهذا قد يسجل أرباحا إضافية في التقرير المالي اليوم، ولكنه سيكبدك خسائر مستقبلاً لأنك (تخلصت) من (رأس مالك البشري الوطني)، والذي أجتهدت الإدارات السابقة في التخطيط والاستثمار فيه لسنوات طويلة، (وبجرة قلم) أضعتم حلم وفخر السنين، والغريب أن يتم تقليص عدد المواطنين في هذه المؤسسات، و دولتنا الحبيبة تحتفل قريبا بيوبيلها الذهبي، فأين ذهبت سياسة الإحلال والاستقطاب الوظيفي للمواطنين؟.

للأسف أن بعض هذه المؤسسات يدار الكثير من أقسامها من قبل جنسيات أجنبية، وليت الخدمات تطورت باعتبار أن المؤسسة جلبت موظفين أجانب أصحاب (خبره وكفاءة ورخيصة)، ولكن بشهادة الكثير من العملاء فإن الرسوم زادت والخدمات تراجعت، والبعض لا يزال يستخدم لعبته الشهيرة في طبخ (تقارير ونسب مئوية) تظهر عدد المواطنين في المؤسسة (مقبول)، ولكنك على أرض الواقع تجد مكاتب هذه الشركات مكتظة بالعمالة الاجنبية الرخيصة، التي تم توظيفها بعقود (من الباطن) أو عن طريق شركات خارجية.

في يوم ما كانت أغلب الشركات والدوائر تنظر لهذه الشركات على أنها نموذجا للنجاح في استقطاب المواطنين الموهوبين مع برنامج للتوطين محفز، وكان البعض يحاول تقليد أو نقل هذه التجربة الناجحه إلى مؤسساتهم لأنها كانت نموذجا (يحتذى به)، أما اليوم من وجهة نظر بعض المراقبين هي نموذج( لا يقتدى به).

شخصيا لست مع التوطين (بجهاله) ولست ضد توظيف الأجانب (بكفاءة) فنحن بحاجة لاستقطاب العقليات الاجنبية المميزة، والتي تقدم إضافة ومن يعتقد أن الموضوع مستحيل فلينظر إلى بعض شركاتنا، مثل طيران الإمارات، وحديد الإمارات وغيرهما؛، لتجد الإدارة (منوعة) وجزء منها أجنبي ولكنه (كواليتي)، يخططون مع الإدارة الوطنية لكيفية تطوير العمل ومواجهة تحدياته، بشباب مواطن يعمل على الأرض وفي السماء وداخل الدوله وخارجها وأفضل المواطنين يتم تصعيدهم للوظائف العليا، وهذا لا يحدث إلا بوجود مجلس إدارة (واضح وصارم)، ويعلم كيف يدير مشروع متوازن بين (الربحية والوطنية)، بحيث يخلق فرصا (وظيفية) للمواطنين وفرص (أعمال ) لغير المواطنين بنظام (اللهم رزقني ورزق مني).

اعرف شركة وطنية كبرى لديها ما يقارب من 3500 موردا لمشاريعها التشغيلية، وأغلب ملاك هذه الشركات مواطنون من أصحاب المشاريع المتوسطه والصغيرة.

وسؤالي لبعض شركات اتصالاتنا: كم من شركة ومشروع متوسط وصغير أصحابها مواطنون وليسوا (موظفين لديكم)، يستفيدون من مناقصاتكم المحلية والدولية؟.

هناك شركات تقول: إنها لا تستطيع تحقيق (ارباح) في ظل سياسة التوطين، وهناك شركات أخرى مهتمه بالتوطين، وتحقق أرباحا ويبدو أن إداريي بعض شركات الاتصالات أو بيع الهواتف (كلاسيكيون في تفكيرهم)، ولو انهم ( اجتهدوا) مثلما اجتهدت الإدارات السابقة، وفكروا (خارج الصندوق) لوجدوا حلولا مبتكرة، ولكن يبدوا أن الإدارات السابقة كانت (قيادات)، و بعض الإداريين الحاليين مجرد (موظفين).

هؤلاء الإداريون الكلاسيكيون ماذا يفعلون بيننا في عصر التميز والبحث عن المركز الاول؟.

ماذا قدموا لنا في عصر الوصول إلى المريخ والطاقة النووية بأيدٍ وطنية؟.

ماذا يستطيعون أن يقدموا لنا في عصر الذكاء الاصطناعي؟. غير إنترنت ضعيف وخدمات أضعف وأسعار عالية؟!.

* كاتب إماراتي