جمال (رأيان) وإسهال رئيس روسيا في وجه إردوغان!
يوسف علاونة:
هل كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصابا بالإسهال حقا عندما وقف الرئيس التركي رجب اردوغان ينتظره دقائق كثيرة غير مألوفة ولا مقبولة في بروتوكولات اللقاءات الدولية بين الزعماء!؟
هذا ما أفصح تنه (الأستاذ) جمال ريان في تغريدة له ثم عاد وحذفها من حسابه.!
تعالوا نناقش المسألة:
كل اللقاءات بين الزعماء تتم وفق بروتوكول محدد يتفق عليه المساعدون، وهذا يشمل كل شيء: أين سيجلس الزعماء وكيفية الدخول والخروج ومتى يتم إدخال المصورين ومتى يتم إخراجهم، وكم سيستغرق اللقاء وما موضوع الحديث، وكم ستكون مدته وهل هي مفتوحة وهل يجوز التطرق لقضايا أخرى أم لا.
وحتى قبل الزيارات رسمية أو زيارات عمل يتم الاتفاق على التفاصيل بما يشمل وفد مقدمة يذهب إلى البلد المضيف لمعرفة مكان الإقامة وحتى نوع الفراش ولون الستائر والطعام وجدول الزيارة فيما تتولى السفارة المعتمدة والاتصالات مهمة هذا في الزيارات العاجلة.
ولمفهوم الزيارة أيضا معاييره المختلفة، فهناك زيارة رسمية وهناك زيارة دولة وهناك زيارة عمل، ولكل منها البروتوكول الخاص، ففي زيارة الدولة يتم التصرف بدقة شديدة بالنسبة لمكان الاستقبال والطقوس المتبعة خلاله وبما يناسب الدولتين المُضيفة بنظام متبع والضيفة بما يحقق كرامتها بكل دقة.
وفي هذا تنقسم الدول إلى نظام متبع دارج خاص بها، فهناك من يستقبل الضيف في المطار وهناك من يستقبله في مقر الحكم ومن هذه الدول مصر والسعودية وروسيا وأميركا وفرنسا والصين وبريطانيا ومعظم الدول التي تشهد زيارات كثيرة لزعماء العالم.
وأحيانا يتم تغيير قواعد البروتوكول بتنسيق متبادل.
في حالة تركية وروسيا وبوتين – إردوغان فإنه ليس أكثر من لقاءاتهما، ونحن لن نذهب بعيدا في تقييم العلاقة بين البلدين وإنما سنبدأ من إسقاط الطائرة الروسية في سماء حدود تركية مع سورية غداة بدايات التدخل الروسي هناك، فقد ثارت ثائرة روسيا وصولا لاعتذار اردوغان بعد تبجح فارغ رجع عنه!.
والروس والترك.. كلاهما استيقظ على تبدل ظروف العلاقات، فمن حال التصادم (ولن نعود للتاريخ العثماني القيصري) زمن الحرب الباردة ووجود الحلفين (الأطلسي ووارسو) إلى ظرف آخر تراجعت فيه أهمية البلدين أيضا كلاهما في ميزان وحسابات القوة العالمية الأعظم وأعني بالطبع الولايات المتحدة.
فلم تعد روسيا هي الشريك في إدارة العالم، ولم تعد تركية ضرورية إلى ذلك الحد الذي جعل الرئيس جون كندي يرسل إلى تركية الصواريخ النووية حتى تم سحب الصواريخ السوفييتية من كوبا، ولم تعد أميركا تساير تركية في إنكار حق الأكراد ووصمهم بالإرهاب في مقابل هذا.
ثم دخل الاقتصاد على الخط، فتركية تصدر سلعا إلى روسيا بقيمة تزيد عن 10 مليارات دولار سنويا، وشركاتها تنفذ عقودا هناك بما يزيد عن هذا الرقم، وتستورد برقم ضخم مماثل الغاز من روسيا، ومعلوم أهمية الاقتصاد لإردوغان بغض النظر عن المبادئ التي يطبل لها من أجله قطيعه العربي الإخواني!.
ثم كانت الأزمة السورية التي ظلت تبيض ذهبا من أجل تركية مما يمكن حصره في:
- تحطيم البلد الأقدر على منافسة الصناعة التركية التحويلية والاستهلاكية.
- تفريغ سورية من الكفاءت والرساميل عبر تجنيسها وتوطينها.
- المتاجرة بقضية اللاجئين السوريين عبر ممارسة ضغوط ابتزازية على أوروبا.
- بلورة شراكة ومصالح مشتركة مع الراعيين الأساسيين للنظام السوري (روسيا وإيران)، بما أسفر عن تدجين ثورة سورية عبر تشغيل جماعة الإخوان كفرقة مرتزقة تركية للتدخل في ليبيا وغيرها، وكذلك السيطرة على عناصر ومحددات الحل في سورية بما يضمن أهداف الدول الثلاث:
* روسيا باستعادة هيبتها العالمية، وصناعة مسمار جحا مع العالم العربي عنوانه التفاهم حول سورية ثم صفقات سلاح وتدعيم علاقات ومصالح.
* إيران بضرب وإيذاء أي شيء للمسلمين (السنة).
* تركية بضمان أن سورية ومن ورائها العالم العربي، لن ينافس الاقتصاد التركي السلعي الرخيص والقريب.
وواضح أن علاقات روسيا – تركية – إيران ثنائيا وجماعيا، تتضمن جزرا ومدا وشدا وجذبا، وليس هناك من انكشف تقلبه مثل إردوغان، فمعظم سياساته داخليا وخارجيا يقوم على خطاب استعراضي شعبوي، للداخل من أجل الانتخابات، وللخارج من أجل القطيع العربي (عربيا) ومن أجل الاقتصاد والدعم (أوروبيا).
أما المناكفة مع الأميركيين ثم تقديم التنازلات رضوخا لهم وعبر العلاقة مع إسرائيل فهذا جوهري لتركية التي لا شيء يوجعها مثل الخاصرة الكردية ومخاطر نشوء دولة للكرد، فهذا هو دمار تركية ونهاية أي أهمية استراتيجية لها من باب استعادة الحلم (العصملي) في الإقليم وتحديدا العالم العربي!.
وكان أول المستهدفين بهذه المناكفة مصر والمملكة العربية السعودية، وكانت النتيجة كارثية على الخطط التركية، إذ أنجز التحالف السعودي الإماراتي هدفا هايل الحجم بالمساعدة على تحطيم حلم (الترك والخوارج الإخونج) بالسيطرة على مصر ثم سوقها سوقا لخدمة الأهداف التركية الخبيثة.
وهكذا انتقلت تركية من سياسات المراوغة والتقية والنفاق إلى الحال الصريح الذي يرى في مصر والسعودية والإمارات أعداء لدودين لا يمكن تحقيق الطموحات التركية من دون إضعافهم وتفكيك تحالفهم وانسجامهم السياسي والاستراتيجي، فكانت محاولة الدخول عبر الخاصرة القطرية!.
وأسفرت مقاطعة قطر الشاملة عن سد هذه الخاصرة وتحويلها إلى نزف بلا طائل لتركية، وعبث سخيف لقيادة متخلفة عقليا توجه وضع قطر، ما أسفر عن انكشافها وتحولها إلى مجرد منصة جعجعة وبث إشاعات ومندبة للاطمين على المشروع العربي، فلم يتبق لقطر وقطيعها غير التطبيل على رقصات تركية وإردوغان!.
هنا جاء دور قناة الجزيرة، ومذيعيها، ومذنبها التابع، من المُضللين والمُضِلين، باسم قضايا فلسطين والربيع العربي، والرأي والرأي الآخر!.. الخ من أكاذيب جرى ترويجها في الشارع العربي، فتركز الجهد على جعل إردوغان (بطلا إسلاميا) ورمزا ل (قيادة تاريخية) ضرورية من أجل نهوض أمة الإسلام!.
لكن هذا أيضا أخفق وانكشف تماما!.
فالقائد الضرورة تمتلئ بلاده بشواطئ المثليين والعراة!.
وفيها ما فيها من:
– أماكن الدعارة المقننة!.
– سفارة لإسرائيل وعلاقات هي الأوثق والأقدم معها مع شتى صنوف التعاون في مختلف المجالات.
– عضوية في حلف شمال الأطلسي مع الولايات المتحدة بما لا يتناسب مع الشعارات المرفوعة ضد أميركا من أجل (الكودوس) وفلسطين!.
– انبطاح شامل من أجل أي مصلحة اقتصادية بغض النظر عن المبادئ التي يتم ترويجها.
– معارضة داخلية شرسة قوية وانتهاك لحقوق الإنسان وأعداد هائلة من سجناء الرأي والمعارضين بما يتناقض مع أي زعم في مجال الحرية والحقوق.
هنا جاءت اللقطات التي صدمت الشعب التركي بل العالم كله من إهانة روسية جرى توجيهها عمدا للرئيس التركي، عبر وقوفه دقائق كثيرة عند الباب قبل أن يفتح له، بينما الرئيس الروسي واقفا ينتظر بتشفٍّ واضح مبين!.
لقد ظهر (السلطان التركي) كالمتسول على باب قيصر روسيا الجديد المتبختر!.
هذا سحق صورة إردوغان، مزق الوهم الذي زرعه قطيع قطر والجزيرة والإخونجية في العالم العربي عن هذا الزعيم الأسطورة!.
فماذا يفعل الأستاذ جمال ريان!؟.
لا بد من إيجاد حجة مقنعة لما جرى!.
ما هي!؟.
لقد كان بوتين مصابا بالإسهال!.
بالعودة إلى ما سبق، فليس هناك شيء كهذا.. بل لا توجد في التاريخ كله كذبة على هذه الدرجة من الغباء مثل هذه!.
أنت لا تدري كيف تمسك نفسك عن الضحك وأنت تناقش الموضوع.. لا يوجد شيء سخيف وممل كهذا.. لكنه أيضا ظريف وممتع.
وهذا ليس المسكين جمال ريان، بل هي الغلبانة.. قطر!.
@yousef_alwnah