حتى نفهم.. الصراع مع إيران ليس دينيا ولا مذهبيا!

مقالات

 

9 فبراير 2016

كتاب الرأي العام

 

يوسف علاونة:

‏يحرص بهائم إيران وأنصارها بيننا على القول وهم ينتقدون أمتنا: (الدول العربية) أو (العرب) أو (الأعراب) ودائما بسخرية تحقيرية، وهذا قمة جبل جليد عميق من الغباء ومعاكسة مسار التاريخ، فتعال لأثبت لك أن الصراع عربي فارسي وليس دينيا أو مذهبيا كما يتوهّم السُّذج، وسأثبت ذلك من البوابة التركية!..

‏إنها قصة الأقليات التي غرسها الاستعمار كي لا تقوم للأمة الأصلية قائمة، فجرى زرع كل أنواع الصرع و(الهيستيريا) في بلادنا مما ينتمي لأقليات غير ذات شأن، ولا علاقة لها بالجسد الأساسي للأمة، أو معتقداتها أو أهدافها.

‏وإليك مثالا صغيرا غير ذي شأن لكنه ذو دلالة مهمة، فعبر التواصل الاجتماعي يجري نحت وتشكيل الرأي العام العراقي عبر مشكّلٍ وناقل للغرب من عينة مغرد صغير يدعى زيد بنيامين: ليبرالي ضد الدين باستثناء الملالي!.. وأصله يهودي ولكنه أشوري، ويعشق حزب الله الإيراني ويكره العرب ويعيش في واشنطن!..

‏وسنأتي على المزيد من الأمثلة الأهم من هذا المثال الصغير، و (مثلا) فإن العلويين في سورية لم يكن اسمهم العلويون، فمنذ أن وجدوا واسمهم النصيرية، وهذا اسمهم الذي يعرفوه هم ونعرفه نحن، لكن الفرنسيين جعلوهم علويين وأهل بيت!

‏وإيران في مذهبها المفبرك بواسطة (التركي) إسماعيل الصفوي، الطامح لتدمير الدولة العثمانية لا لحكم الفرس أساسا، إيران هذه تكفر العلويين فهم يعبدون عبدالرحمن بن ملجم المجرم الذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. هل تعرف هذا!؟.. ولماذا!؟

‏لأن ابن ملجم خلص عليا عند قتله من الناسوت فصار علي هو اللاهوت فقط، علي هو الله لا إله إلا علي!.. ألا لعنة الله عليهم وعلى ابن ملجمهم حين يمسون وحين يصبحون.

‏لكن إيران تقف مع العلويين ضد السنة.. ولو كان بشار الأسد يهوديا لوقفت معه ضد السنة وكذا لو كان مسيحيا أيضا أو درزيا.

وخذ مثالا آخر:
‏الأباضية لا يكفرون إيران أو يرفضون دينها المجوسي فقط، فهم يكفرون علي بن أبي طالب ويعتبرون ابن ملجم شهيدا على طاعة الله ورسوله وله الجنة!.. لكن إيران تعمل على التفاهم معهم وتتوسل جعلهم حليفا استراتيجيا لها مع أنهم من أشد أعدائها.. ونفس الأمر في اليمن فالزيدية الهادوية التي تحتل اليمن وتستعبده منذ1200 سنة أو منذ جاء هؤلاء لليمن فصاروا مع الأشراف هم (القناديل) وبقية الشعب البهائم و(الزنابيل) لا يشاركونهم حتى في القبور، ولذلك تبدو المهمة في اليمن صعبة، كما نلاحظ، فهؤلاء اعتادوا على أن دم السني حلال حتى نسوا القراءة والكتابة فاستعبدوا اليمن عبر أداة الجيش والسلطة وصاروا مجرد لصوص وقطاع طرق ينهبون ويسرقون ويتباهون بكسب الأجر والثواب من الله!..
‏ولمّا ثار الشعب وجاء وقت تحطيم الأساطير القائمة منذ ألف عام ويزيد، وأساسها أكذوبة ابن رسول الله – والكل يعلم أنه ليس هناك ابن لرسول الله، ولم يكن هناك من يناديه بيا أبت أو يا أبي ويا والدي من جنس الذكور، فالنبي لم يكن له ولد ذكر حتى تنسب له ذرية يقول كذبتها حتى اليوم وبعد 1450 سنة بأن النبي أبوهم! – تحالف الحوثيون مع (الأشراف) الحمقى، وغيروا دينهم إلى الفارسي كليا، ولهذا ترى السلالة من أبناء النبي!.. والأشراف، والزيود الجارودية والعبيد من أثيوبية وأفريقية في حلف ضد أهل اليمن ولو تم تدمير اليمن عن بكرة أبيه.
‏وهؤلاء تعشقهم إيران جميعا!..
‏ولو انضم إليهم يهود اليمن لأيدتهم وساندتهم، ولو خرج من اليمن مسيحي من بقايا أبرهة الأشرم لاحتضنته إيران، فالمهم ألا يكون اليمن سنيا كما هي أغلبيته وألا يكون عربيا كما هو أصله، فلفارس هناك في التاريخ حصة أيام استعانة اليمنيين بالفرس ضد الأحباش!..
‏ومع أن الزيدية نقيض للاثني عشرية، فالإمام ينفصل بين الجانبين عند زيد فلا يكون مهدي الفرس هو نفس مهدي الزيدية وكذا الإسماعيلية، ولكن لا يهم، ولا مشكلة فكلنا حلف ضد المسلمين، ولهذا تمتلئ طهران المجوس بالكنائس المسيحية وشتى أنواع المعابد الفاخرة، وبالكنس اليهودية لكنها لا تضم مسجدا واحدا لأهل السنة ليصلي به سفراء الدول الإسلامية على الأقل!.. ولو كان هناك قوم يعبدون الفئران في إيران لرخصت لهم سلطة (المرشد) علي خامنئي لبناء معبد يتقربون به إلى فئرانهم ويذكرونها آناء الليل وأطراف النهار!.. وكذا لو كان هنالك من عبّاد البقر أو عبّاد بوذا أو عبدة (البزرميط) ولكن من أهل السنة والجماعة فلا.. فهؤلاء كفرة وينبغي القضاء عليهم، مع أن لهم 75 دولة معظمها أكبر من إيران، ومع أنهم 2000 مليون مسلم، ومع أنهم أمة الإسلام الحقيقية، ومع أن إيران نفسها تمتليء بأمثالهم، ويتخوف أحبارها من أنها ستصبح سنية على الغالب خلال عقدين من الزمان!..
‏سأنقلك الآن إلى المثال التركي، حيث يصور الإعلام الإيراني وبهائمه و (طلطميسيو) اللبرلة العربية أن العلويين يمثلون نصف تركيا، مع أنهم وكل الأقليات فوقهم 3% فقط لا غير!..
‏ولكن كما حصل قديما في الشام حيث الشامي (الأهبل) الطيب يدفع المال كي لا يلتحق ابنه بالجيش فيما يقدم العلوي زوجته للضابط الفرنسي في سبيل ذلك، مع أن الفرنسي في غير حاجة لامرأة العلوي، لأن هذه خطته أصلا، ولكن في زيادة الخير خير وخير!.. يضاف إلى ذلك حزب البعث الذي حذف الإسلام وتغنى بالعروبة الكافرة المجردة من الإيمان ولب ونواة الأمة المحمدية فهجم على الدولة وعلى الحزب أبناء الأقليات بزعم أننا أبناء أمة واحدة!.. وها نحن نرى عروبة هؤلاء الكلاب: بوتينية إسرائيلية فارسية أفغانية طائفية، ومرتزقة من كل أرجاء الدنيا لا لسبب إلا أن لا يحكم السنة بلدهم.
‏وهكذا في تركيا، فقد زرع الاستعمار العلويين في الجيش حتى صاروا هم الحكام الحقيقيين مع أنهم كما قلت أقل من 3% من مجموع السكان، ولهذا لم يكن جيش تركيا في أي يوم حارسا للعلمانية، بل كان الحارس ضد أن تتذكر تركيا كونها بلدا سنيا، لأن معنى السنة هو الإسلام والأساس العالمي الجليّ دون أي وجه للمقارنة، فكان الأمر وبكل بساطة هكذا: كلما اقتربت تركيا من معرفة دينها الحقيقي واتجهت للاعتدال والانسجام مع نفسها انقض الجيش العلوي باسم العلمانية، فقام بانقلاب عسكري!..
‏لكن الإسلاميين أو فلنقلها بصراحة (إخوان تركيا) لم يكونوا كالتائهين (إخوان العرب) لمجرد أن جمال عبدالناصر نكّل بهم واضطهدهم فحاربوا قومية العرب وجزعوا من كلمة عروبة بزعم أن الله أعز العرب بالإسلام فعليهم أن يسلخوا جلودهم فيصيروا كالمتسولين على موائد أمم العالم ناسين عرقهم وأصلهم وفصلهم، وغافلين عن أن الإسلام عربي: القرآن والنبي والصحابة والتاريخ والحديث والصلاة والصيام والحج والطواف والدعاء والأرض والكعبة والمدينة والأقصى وكل شيء، وأن العرب هم مركز ثقل الإسلام وأرضه وبيضته، وأنه وفي زبدة الختام لحديث شريف يقول النبى صلى الله عليه وسلم: والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم) لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوموا به.
‏إخوان تركيا اشتغلوا بالعقل والمنطق والحكمة والنفس الطويل، لم يكفروا الناس، ولم يجادلوا في صحة الوضوء بالماء المشمس، ولم يغرقوا بالروايات، ولم يروا في كأس خمر يشربها منادم أحمق في كازينو للدعارة ما يوقف طريقهم، وبنفس الوقت لم يثقوا بإيران كما وثق وما زال يثق كثير من إخوان العرب وما زالوا مترددين في معاداة إيران ومشروعها التدميري لوجودنا.
إخوان تركيا أدركوا حقيقة الوضع على الأرض فاشتغلوا بهدوء وركزوا على الاقتصاد والتنمية والبناء، ثم سايروا الجيش الإرهابي المجرم حتى تمكنوا فانتزعوه من العلويين انتزاعا لن تقوم لهم بعده قائمة أبدا.
‏كنعان إيفرين كان علويا، وقام بانقلابه وصار رئيسا وأنكر أصله وقال للناس بأنه مسلم سني مثلهم، تماما كما قال حافظ الأسد في المسجد الأموي: أنا مسلم سني!.. وها هو قائد الانقلابات العسكرية في تركيا (الجنرال) إسماعيل حقي يقبع في السجن بحكم لـ 80 سنة، بعد أن تمكن أهل تركيا من بلدهم وجيشهم، فالجيش التركي اليوم بيد شعبه، وجنرالاته منهم، ولهذا قضي الأمر فلن يحكم العسكر تركيا ولو انطبقت السماء على الأرض، ولو قتل أو رحل رجب إردوغان، ولو حكم تركيا أي حزب غير حزبه.
يوسف علاونة