رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم

مقالات

رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
يوسف علاونة
‏••••
‏نبي الرحمة للخلق جميعا، وللمؤمنين برسالته الكريمة من رب العالمين.
‏قال تعالى:
‏”وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” سورة الأنبياء 107.
وقال تعالى مسبغا صفة الرحمة على إطلاقها لمن آمن بالرسول، والعذاب الأليم لمن يؤذيه، بقدرته وإرادته سبحانه: “ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين (ورحمة) للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم”.
‏سورة التوبة 61، وقال تعالى: “لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم”، سورة التوبة 128، و(رحيم) هنا (الآية) على وزن فعيل، ومثلها (حريص)، وهي صيغة مبالغة وتكرار وهذا منتهى صفة الرحمة له صلى الله عليه وسلم.
‏وقال سبحانه وتعالى:
‏”يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا* وداعيا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا” الأحزاب 45/46، ومثلها في سورة الفتح الآية 8، “إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا”، ونحن نعلم وصف الله للشمس والقمر فيكون معنى (سراجا منيرا) بأن الرسول للناس مثل الشمس والقمر.
‏ويقول تعالى: “يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين”، سورة المائدة 15، فالرسول عليه الصلاة والسلام جاء بالنور وتمام التبيين من ربه سبحانه وتعالى.
‏وزكاه فيما يخص أخلاقه صدى الله عليه وسلم فقال: “وإنك لعلى خلق عظيم” سورة القلم 4، وهو مسدد ورشيد من ربه، فيقول عنه مقسما بالنجم عندما يهوي:
‏”والنجم إذا هوى* ما ضل صاحبكم وما غوى* وما ينطق عن الهوى” سورة النجم 1/2/3.
‏ويقول سبحانه: “يس* والقرآن الحكيم* إنك لمن المرسلين* على صراط مستقيم”
‏سورة يس 1/2/3/4 فالرسول صلى الله عليه وسلم على الصراط المستقيم الذي يعبره الخلق إلى جنات ربهم.
ويقول سبحانه: “لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين”، سورة آل عمران 164، فالرسول (منة) من الله على المؤمنين، والله لا يمن على المؤمن إلا بما هو عظيم ومبارك وكثير.
وقال تعالى: “يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين* يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم”، المائدة 15/16، فمن رسالته لأهل الكتاب السلام.

وقال تعالى: “هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين”، الجمعة 2، فرسالته تشتمل على كتاب الله والحكمة وتطهير المؤمنين (التزكية) وإنقاذهم من الضلال الذي كانوا عليه.
‏وقال تعالى: “وإنك تهدي إلى صراط مستقيم* صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض” سورة الشورى 52/53.
‏ ‏وقال تعالى: “الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون”، الأعراف 157، فالرسول صلى الله عليه وسلم فوق رسالته للمؤمنين أرسله الله ليحرر هؤلاء (أهل الكتاب) الذين يبدون الضيق من رسالته اليوم، كما في السابق، جاء ليحررهم من الأغلال ويخلصهم من الخبائث ويهديهم إلى طريق الحق.
‏والله سبحانه وتعالى شرح صدر رسوله ورفع ذكره وأعطاه خيرا كثيرا ذكره في سورة الشرح:
‏”ألم نشرح لك صدرك* ووضعنا عنك وزرك* الذي أنقض ظهرك* ورفعنا لك ذكرك* فإن مع العسر يسرًا* إن مع العسر يسرًا* فإذا فرغت فانصب* وإلى ربك فارغب”.
وأعطاه سبحانه وتعالى الفتح المبين والنصر والمغفرة التامة: “إنا فتحنا لك فتحا مبينا* ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما* وينصرك الله نصرا عزيزا” الفتح 1/2/3.
ومبايعة النبي من الصحابة هي مبايعة لله:
‏”إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم” سورة الفتح 10، والرسول هو الأسوة الحسنة “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”، سورة الأحزاب 21، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله “من يطع الرسول فقد أطاع الله”، سورة النساء 80.
‏والله عصم الرسول من الناس “والله يعصمك من الناس”، المائدة 67، والله أكرمه بالسبع المثاني، “ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم”، الحجر 87، وأكرمه الله بما لم يعطه لبشر غيره وبالفعل المضارع المستمر: “إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” الأحزاب 56.
والله أعطاه صفة الفلاح:
‏”فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون”، الأعراف 157.
‏واتباع الرسول سبب لحب الله: “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله”، آل عمران 31، وأكرمه الله بقوله: “فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا”، الطور 48.
‏واستغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته وللمؤمنين سبب لغفران الله لهم: “ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما”، سورة النساء 64، والله أعطاهم ألا يعذبهم ببركة وجود النبي “وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم”، سورة الأنفال 33.
‏والله عظم رسوله بضرورة الأدب معه: “يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم”، الحجرات 1، ثم قال: “يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون”، الحجرات 2.
‏ ‏وأعطى الذين يخفضون أصواتهم عند النبي صفة التقوى: “إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم”، وقرع الذين يرفعون أصواتهم: “إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون”، سورة الحجرات 3/4.
‏ومخاطبة الرسول ليست كمخاطبة سواه فلا بد من تعظيمه: “لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا”، سورة النور 63، ومن ذلك ما أوجب الله في كتابه على المؤمنين من الاستئذان قبل الدخول على بيوت النبي فقال سبحانه وتعالى:
‏”يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستانسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق ‏وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا إن ذلكم كان عند الله عظيما”، سورة الأحزاب 53.
وقال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين نجواكم صدقة ذلكم خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم”، سورة المجادلة 12، فالذي يريد أن يناجيه صلى الله عليه وسلم عليه أن يتطهر بالصدقة حتى يكلمه.
وحتى عند العتاب عظمه الله سبحانه وهو يخاطبه فقال: “عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا”، سورة براءة 43.
وفي سورة الضحى أكد له ربه وعده له بالعطاء حتى يرضى وأقسم على ذلك: “والضحى* والليل إذا سجى* ما ودعك ربك وما قلى* وللآخرة خير لك من الأولى* ولسوف يعطيك ربك فترضى* ألم يجدك يتيما فآوى* ووجدك ضالا فهدى* ووجدك عائلا فأغنى* فأما اليتيم فلا تقهر* وأما السائل فلا تنهر* وأما بنعمة ربك فحدث”.
والله أرضاه بالقبلة التي يعلم أنه يحبها فقال: “قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون”، سورة البقرة 144.
والله سبحانه لا يريد لنبيه أي أذى أو مشقة حتى وهو يحفظ ما ينزله إليه فيقول: “لا تحرك به لسانك لتعجل به* إن علينا جمعه وقرآنه”، سورة القيامة 16/17.
وزكاه سبحانه عن الحزن: “يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر”، سورة المائدة 41، وقال: “قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون”، سورة الأنعام 33، ويقول: “فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفًا”، سورة الكهف 6، ويقول له: “فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون”، سورة فاطر 8 وكذلك قوله له: “طه* ماأنزلنا عليك القرآن لتشقى”، سورة طه 1/2، فالله عز وجل هو ناصره: “إلا تنصروه فقد نصره الله”، سورة براءة 40، ويغار عليه من المنافقين فيقول سبحانه: “ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم”، سورة التوبة 61.
والله جعله شهيداً على الأمم السابقة، فقال تعالى: “فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا”، النساء 41، وقال أيضًا: “ويوم نبعث في كل أمة شهيدًا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدًا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين”، سورة النحل 89.
وخير ما نختم به هو القول: الحمد لله رب العالمين ومن أطيب القربات إلى الله قول: اللهم صل وسلم وبارك على النبي محمد.

العالمين ومن أطيب القربات إلى الله قول: اللهم صل وسلم وبارك على النبي محمد.