رعب “ديمغرافي” يتفق عليه الصليبيون واليهود.. والفرس!

مقالات

 

6 فبراير، 2016

كتاب الرأي العام

يوسف علاونة:

 

تحصل التخوفات من التغيير الديمغرافي «السكاني» باستمرار من غير العرب وغير المسلمين، أما نحن فلم نتخوف يوما من المستقبل كهؤلاء الظالمين الخائبين!

فنحن لم نمارس كعرب في أي يوم تطهيرا عرقيا في أي بلد تم تحريره أو فتحه، وتركنا الأمور دائما كما هي دون تعديل ومن غير مخاوف، ولكن أعداءنا كانوا دائما يخافون منا سكانيا.. والمتخوفون اليوم ثلاثة: اليهود في فلسطين، والفرس في إيران، والصليبيون على وجه العموم!

عندما حمل العرب الشجعان من أصحاب النبي ورسالته الراية، وفتحوا البلدان المحتلة من الروم والفرس ثم توسعوا في الأراضي الجديدة لم يمارسوا أي تطهير عرقي ولم يرحلوا أحدا من مكانه، وكمثال: بنى المسلمون في بلاد الأندلس المدن الجديدة وأبقوا على القديمة كما هي وبكل حقوق مواطنيها، ولا يذكر التاريخ أحدا من شبه الجزيرة الإيبيرية لجأ إلى فرنسا أو هرب على القوارب إلى روما أو الفاتيكان أو بريطانيا.

ولأن العرب أهل سهل ونخل فقد أقاموا مدنهم في السهول والفيافي، ولأن البربر أهل جبل ووعل أقاموا بدورهم مدنهم في رؤوس الجبال، وبكل حال لم تنتصب مدينة عربية أو (أمازيغية) محل مدينة للقوط أو عموم سكنة بلاد الأندلس وإنما اختيرت دائما الأماكن الفارغة من العمران.

ولم نهدم في يوم دار عبادة لأحد، فالوحيدون الذين يهدمون المساجد اليوم هم اليهود وأتباع الدين الفارسي المجوسي، وإرهابيون من نتاجهم.

في مرة أمر عمر بن الخطاب بهدم جدار من مسجد الفسطاط في مصر لأن صاحبة البيت الذي توسع به المسلمون رفضت بيعه وبإصرار عجيب.

لحاجة ماسة لتوسيع أول مساجدهم في مصر ثمّن المسلمون للسيدة بيتها فرفضت بيعه كما فعل غيرها فضاعفوا لها السعر فأبت بعناد لا علاقة له بالسعر، فقرر عمرو بن العاص هدم بيتها وضم أرضه لتوسعة المسجد فلما أبت استلام السعر أودعوه لها في بيت المال إلى حين اقتناعها بأخذه!

كتبت السيدة (القبطية) إلى عمر بن الخطاب تشكو إليه واليه على مصر، فما أن قرأ شكواه حتى وجه أمره إلى عمر بهدم التوسعة وإعادة بيت السيدة كما كان!

هدم إسماعيل الصفوي في العراق 15 ألف مسجد وقتل مليوني شخص ليشيع إيران والعراق، وجعل الصليبيون الأقصى اسطبل خيول بعد أن قتلوا 70 ألف إنسان.

في إسبانيا وعبر محاكم التفتيش كان الصليبيون يقتلون العربي لمجرد أنه يقف متجها إلى الشرق باتجاه مكة.. فيحسبونه يصلي لله سبحانه وتعالى.

الكنيسة الوحيدة التي جرى هدمها في تاريخ الإسلام كانت في عهد الدولة الفاطمية التي تروج لها إيران، وتكره صلاح الدين لأنه أبادها وأباد ضلالها!

في حمص الكنيسة الأعظم والأقدم أمر بإعمارها وترميمها سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وفي كل مكان ذهب العرب المسلمون كان يرافقهم التسامح، ففي الأندلس كان اليهود معنا، يشاركون في الإدارة والصناعة وحتى السياسة، ولهذا كل يهود المغرب لجأوا معنا بعد أن تم تهجيرنا في هناك.

وحتى الآن الكنائس في بلاد الفتح العربية شواهد على تسامح العرب كمسلمين حقيقيين.. في القدس والقاهرة ودمشق وبغداد والموصل وكل مكان في نصارى، ولم نتخوف يوما من تكاثر السكان وأن المسيحيين ينجبون أكثر منا، أو أن اليهود كثيرون هنا أو هناك، وفي كل مرة كنا نصد خيانة أحد لم نكن نبيده!

وللإقرار بما حصل فعلا وكان له سبب واضح وهو الخيانات المتكررة من الطوائف الصغيرة فقد كانت كل المدن على ساحل المتوسط من السنة فقط (تقريبا)، فمن أنطاليا حتى دمياط ورشيد كانت المدن سنية دائما لأنها حواضن لمعسكرات التصدي للغزوات الصليبية وقبلها الرومية دفاعا عن بلاد الإسلام، ومرورا باللاذقية وطرطوس وبانياس وطرابلس وبيروت وصور وصيدا وعكا وحيفا وقيسارية وغزة والعريش حتى مصر المدن سنية باستمرار باستثناء أنطاكية، لخصوصيتها النصرانية القديمة ومع ذلك حصلت عدة خيانات منها وخصوصا من النصيرية عندما كانوا يفتحون البوابات غيلة وغدرا لصالح الصليبيين.

ولهذا كانت (الطوائف) باستمرار في الداخل والجبل: جبال العلويين وجبل عامل وجبل الدروز وجبل لبنان للموارنة والدروز وهكذا.. ألخ، لكن النصارى واليهود وغيرهم ظلوا في قلب القاهرة وبغداد ودمشق والقدس وغيرها من المدن الداخلية حيث قلب دولة الإسلام.

هكذا نحن وهكذا هم.

اليوم يتخوف اليهود من التكاثر الفلسطيني!

هم هجروا أهل الأرض والمخيمات والشتات شواهد على ما جرى لشعب اقتلع من أرضه بالقتل والتعذيب والقسوة، ليحل محلهم اليهود كمعتدين من شتى بلاد العالم يأخذون بيوتهم ومزارعهم ومدنهم وفضاء بلادهم ويحرمونهم الماء والهواء ثم يتذمرون، وتنعقد المؤتمرات وتقام الندوات في أن الدولة يجب أن تكون يهودية، وذلك حالة العنصرية الوحيدة على وجه الأرض!
لماذا؟
لأن العرب يتكاثرون!.. وأنه إذا استمر معدل النمو السكاني في فلسطين بالمستويات الجارية فسيصبح اليهود أقلية وتندثر دولتهم وهذا ما لا يجوز ولا يصح أن يكون، فما هو الحل في هذه الحالة؟
ليس هناك غير أن تنجب المرأة الفلسطينية ولدا يسمّى باسم زوجها وولدا آخر تسميه باسم دولة اليهود!
ونفس المشكلة في إيران الملالي!
هؤلاء يتخوفون أيضا من أن إيران ستصبح دولة سنية خلال 20 عاما، والعشرين عاما على الأبواب ولذا فإنهم مذعورين!
الدكتور ناصر رفيعي عضو الهيئة العلمية لجامعة المصطفى العالمية يقول بمحاضرة في مركز وانديشة للثقافة: نسبة أهل السنة ترتفع في إيران بسرعة، ويضيف بأن إحدى المدن في محافظة أذربيجان يزيد فيها عدد السنة على عدد الشيعة بنسبة 70-30 وهذا معدل خطير جدا، ويشير إلى أن السبب في هذا (الوضع الخطير) عائد لأن أهل السنة معظمهم يعددون الزوجات وأن هناك انخفاضا متناميا في عدد الشيعة في إيران!
ويقول رفيعي: لا بد من معالجة التوسع في تعدد الزوجات فبعض الأسر السنية لديها 40 طفلا ونصف طلاب المرحلة الابتدائية في إيران اليوم من السنة!
يذكرني رفيعي هذا بما يثار في هولندا منذ عشر سنوات: فنصف مواليد البلاد هم من المسلمين.. والمشكلة تتفاقم في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا!..
وإلى جانب قلق (الأكاديميين) مثل رفيعي فإن (المراجع العظام) يتخوفون أيضا من ذات المشكلة ويحثون الشيعة على التزاوج وكثرة الإنجاب، فمن يسمونه (آية الله العظمى) مكارم الشيرازي وخلال مؤتمر (الإمام السجاد) الدولي يقول: أهل السنة يشترون الأراضي في أطراف مشهد (خراسان) وأن عددهم يزداد بسرعة وخلال وقت قصير إذا استمر هذا فسوف يزحفون على المدينة ويصبحون أغلبية فيها!
ويحث الشيرازي هذا الحكومة على أن تواجه ذلك قائلا: كل ريال ينفق لترويج المذهب الشيعي فإنه يساعد على استقرار مستقبل إيران!.. لكن بما أنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، يرد الخبراء على الشيرازي بتحميل النظام الإيراني نفسه مسؤولية المشكلة الخطيرة، فيقولون بأن تبني النظام للمذهب الشيعي (إيران دستوريا دولة شيعية فقط) أساء له وأن استخدام التشيع كورقة سياسية جعل الناس ينفرون من التشيع، مؤكدين بأن الدمج بين التشيع والعصبية الفارسية (الفرس 40% فقط من إيران) ثم اختزال التشيع بولاية الفقيه أدى لردود فعل عكسية من القوميات الأخرى التي اتجهت إلى التسنن بل وأديان أخرى غير الإسلام، كنوع من الانتقام من هيمنة الفرس المفروضة باسم نظام ولاية الفقيه وانتشار الفساد.
بالخلاصة فإن الرسالة التي يمكن توجيهها إلى بهائم إيران في العالم العربي والعراق تحديدا استادا لهذه الحقائق ربما تكون غير متوقعة منهم وهي: إن تدمير المساجد في بغداد وديالى والرمادي والفلوجة والموصل وتهجير السنة لن يفيدكم، لأن المشكلة أعمق، وهي قادمة إليكم من إيرانكم.. نفسها!
يوسف علاونة