يوسف علاونة:
يبلغ عدد المعممين في إيران 600 ألف معمم بواقع معمم واحد لكل 1200 نسمة، منهم نحو 120 ألف معمم يزعمون الانتساب لبني هاشم من ذرية علي بن أبي طالب، فضلا عن وجود 12000 مزار شيعي تعد قبورا أو أماكن وصلها (أهل بيت) رسول الله!.
ومسألة المذهب مهمة للغاية في سبيل السيطرة على المجتمع فالمدعو علي خامنئي (خليفة المؤسس خميني) حسب الدستور هو الوليدالفقيه نائب الإمام الغائب (مهدي الشيعة) وهو بالتالي معصوم مثله وسلطته لا ترد ولا حتى تناقش وهذا الوضع يلبي عقيدة شيعة إيران الذين الدين عندهم هو فقط أهل البيت!.
وقد انتقل هذا الوضع إلى العراق وبعض دول الخليج العربي ولبنان حيث تعاظمت أهمية أصحاب العمائم السوداء وغالبيتهم مدعو نسب ودجالين، وكذلك المشايخ أصحاب العمائم البيضاء الذين يشغلون الناس بروايات مضحكة تجعل من (الأئمة) أصحاب معجزات عبر خرافات لم يعلم بها إلا رواة وهميين لا أصل لهم!.
وصار المعممون خصوصا أصحاب العمائم السوداء الذين يحظون دون سواهم بلقب (سيد) أصحاب ملايين ومزارع وسيارات فارهة وطائرات خاصة ومرتادي صالات قمار، وبسبب الغطاء الوهمي الذي توفره لهم مرجعية إيران فإنهم أشاعوا بين الشيعة أنهم وإيران كبلد ووطن ونظام يواجهون مستقبلا ومصيرا واحدا!.
ويندر وجود معمم فقير، وممن يحظون بالثراء الفاحش (وكلاء المراجع العظام) الذين يجمعون الخمس من بسطاء الشيعة ومن أثريائهم بهدف التفاخر وتحقيق أغراض سياسية واجتماعية، باستثناء قلة قليلة من الزاهدين، وقد دهش كثيرون عندما أعلن معمم عراقي نزيه عدم قدرته على الحج لأنه بيته بالأجرة!.
وقيادات إيران وعلى رأسها (المرشد الأعلى) خامنئي تستغل المذهب الشيعي لإثراء نفسها ومثلها بقية المرجعيات حيث يؤكد مؤسسو المذهب على ضرورة وجود مرجع تقليد وبشرط أن يكون حيا، وفور موت المرجع تنتهي صلاحية فتاواه ويتعين اتباع وتقليد مرجع جديد ليأخذ الخمس باعتباره مصدر إلهام إلهي!.
ومع الوقت تحولت المرجعيات الدينية منذ بداية سيطرة الخميني ورجاله على إيران، إلى مراكز مالية هائلة التأثير وأخذ المعممون في إيران (وتاليا العراق) إلى أباطرة مال وحلوا محل (البازار) الذي دعم ثورة رجال الدين في مرحلة الفقر والضنك التي كانوا يعيشونها في زمن الشاه وزمن صدام حسين.
وإلى حد بعيد يتم إجبار جميع الشعب الإيراني (نحو 85 مليون نسمة) على دفع الخمس باعتباره حصيلة الزكاة الرئيسية مع أن الخمس لم يرد إلى مرة واحدة في سورة الأنفال وتحديدا غنائم الحرب وليس الأموال العادية التي تستحق عليها الزكاة، وتأتي كثير من أموال الخمس من دول عربية خاصة الخليجية!.
وتحظى مرجعية خامنئي تحديدا بكثير من الأموال التي تجنى من المراكز الشيعية المنتشرة حول العالم تحت عدة مسميات إضافة إلى زوار الأضرحة والقبور، الذين يقذفون بالمال (الكاش) الذي يعتقدون أنه لمساعدة الملهوفين والمحتاجين من أبناء طائفتهم، فتستحوذ عليه عائلة خامنئي عبر ابنه مجتبى!.
والخمس في العقيدة الشيعية ركن أساسي من أركان الإسلام ومن لا يخمس ماله يخرج من الملة، وهو يشمل ويمتد لكل شيء بما في ذلك مهر الزواج وبيت السكن وحتى الملابس والطعام وكل أصناف البيوع والشراء والثمار والمدخرات وذهب الزينة والمقتنيات بما في ذلك أوعية الطبخ!.
ويعتقد على نطاق واسع بأن مؤسسي المذهب الشيعي وجميعهم من الفرس وضعوا هذا الشرط من أجل إعادة لملمة الدولة الفارسية للخلاص من سيطرة الفتح الإسلامي، استنادا لعقيدة ساسانية سبقت الإسلام وتمثلت بدفع (العشر) لدهاقنة كسرى فجعلوها مضاعفة (الخمس) بعد انهيار الامبراطورية.
وفي إيران نظام لتوزيع الخمس وهو أمر مفروض على كل تاجر أيا كان حجم تجارته وعلى كل ميسور حال ومن تطوع فهو خير له!.
ويوزع الخمس على ستة أسهم:
سهم لله تعالى!.
وسهم للنبي صلى الله عليه وسلم!.
وسهم للإمام!.
وما سبق يدفع لصاحب الزمان (المهدي) وبما أنه غائب يتم تسليمها إلى المرجعيات!.
هذا نصف الخمس، أما النصف الآخر أو الأسهم الأخرى الثلاثة فهي مخصصة للأيتام والمساكين وابناء السبيل وهي تدفع لمؤسسات (الإمام) الخامنئي ومرجيات تمثله وتوزع بمعرفة المعممين، وغالبا ينفقونها على أغراض خاصة وهدايا للنساء اللاتي يجيزون لأنفسهم التمتع بهن عبر زواج المتعة المقدس!.
ويبلغ دخل الفرد في إيران حسب إحصاءات النظام 11000 دولار وخمسها نحو 2200 دولار وفوق الحساب الفردي تدفع الشركات الخمس وكذلك المستثمرين فنحن نتحدث عن نحو 100 مليار دولار هي أموال الخمس وهذه ليس لها أثر في إيران وحتى العراق حيث الملايين محرومون من أبسط متطلبات الحياة.
وأين هي أموال الخمس بينما خمسة ملايين إيراني يسكنون مدن الصفيح والمقابر!؟.
ولماذا تنتشر الدعارة والمخدرات في إيران؟.
وما أثر الأموال القادمة من الخارج إلى إيران، من المغتربين والشيعة العرب أو ذوي الأصول الفارسية في بلاد العرب!؟.
إنها لا شيء وبلا أثر على حياة الشعب الإيراني.
المصدر الثاني للأموال التي يستحوذ عليها المعممون وخصوصا أصحاب الفخامة الحائزين على لقب (سيد) الأسطوري هي أموال المزارات والقبور، وفي العراق وإيران نكتة عن المزارات وهي أن (أهل البيت) لا يموتون ولا يوصون ببناء قبورهم إلا على الطرق السريعة.. للتسهيل على الزائرين!.
والشائع أنه قبل مجيء خميني إلى إيران فإنه كان فيها 1400 مزار شيعي لكن هذه المزارات زادت بفضل الثورة الخمينية وولاية الفقيه إلى 12000 مزار!.
فبينما زاد الشعب ضعفا واحدا أو ضعفا ونصف زادت قبور الأولياء نحو ثمانية أضعاف، ضمن هيستيريا اللطم والتوسل عند القبور ثم قذف النذور عليها!.
وتتحكم إيران بجميع المزارات والقبور في العالم باستثناء قبور مزعومة في المملكة العربية السعودية، وفي العراق نحو 50 مزارا وفي سورية 15 مزار، وقد رفض الأرض عرضا للمزارات مقابل نفط بأسعار رمزية وأعداد من السائحين وهناك محاولات فاشلة أخرى مع مصر.. أي أن إيران تستثمر في القبور!.
وتعد المزارات شركات مغلقة يديرها معممون وأوصياء لصالح إيران ومرجعيتها، حيث الأموال الناتجة عن (السياحة الدينية) بالمليارات ومن ذلك نحو 1,8 مليون شيعي (من العالم) يزورون مدينة مشهد باعتبار (الإمام الرضا) هو (باب الحوائج المستجابة!).. ويلقون إلى قبره نحو 6 مليارات دولار سنويا!.
وهناك سوق مواز للمزارات وهو سوق الحشيش والمتعة والكباريهات الليلية، وشهد نواب عراقيون على رعاية ميليشيات ومعممين لمزارع الحشيش ودعارة المتعة في مقابل نسب معينة حسب مناطق النفوذ الموزعة بين المرجعيات وبين العصابات التي تفرض إرهاب الأمر الواقع على الناس سواء في العراق أو إيران.
وأبرز المرجعيات موجودة في قُم ومشهد والنجف وكربلاء وشيراز وبرعايتها تتم (السياحة الجنسية) عبر زواج المتعة، وعقود توثيق الزواج تمارسها المرجعيات في مكاتب خاصة تتيح للراغبين في زواج المتعة انتقاء من يرغبون بهن من ألبوم صور تعرضه هذه المكاتب مقابل مبالغ مالية معينة خارج العقد!.
ويبرر المعممون هذا السلوك بأنه حل للمشاكل الجنسية لدى الشباب والتي تعود إلى زيادة نسبة العنوسة لدى الشباب وكذلك البطالة (50% في صفوف الشباب)، وعوضا عن استخدام عائدات الخمس والمزارات في مواجهة الفساد يقوم المعممون باستغلال هذا عبر الثراء بواسطة السياحة الجنسية (الدعارة)!.
ما دور المؤسسة الأمنية هنا، ونقصد (الحرس الثوري) الذي يحمي النظام؟.
إن لهذا الحرس عبر كبار الضباط حصة الأسد من أموال الخمس والمزارات حيث يتم غض النظر عن هذه العائدات التي تحصل عليها المرجعيات، ولا يتم توريدها إلى أجهزة الدولة، بالرغم من كونها أموالا سيادية!.
إن أموال الخمس والمزارات لا تدخل ضمن ميزانيات الأجهزة الإيرانية أو البنوك الرسمية، وإنما تتبع مؤسسات مجلس الخبراء وكبار المراجع وديوان المرشد الأعلى وقوة الحرس الثوري، وجميع هؤلاء يتحكمون بالاقتصاد ولهم حصص في الموانئ والأساطيل البحرية والجوية ولا يتم فرض أي ضريبة عليهم.
ويمارس المعممون سلب ونهب الناس تحت عناوين دينية جذابة منها مثلا مؤسسة (خاتم الأنبياء) وهذه تملك إمبراطورية مال عملاقة تضم 815 شركة في إيران والخارج وتساهم في كل المؤسسات والشركات الكبرى ويستحوذ عليها رجال من فريق مجتبى ابن المرشد خامنئي.
وتمتلك هذه المؤسسة طائرات وسفنا تجارية ومصانع سيارات وبتروكيماويات وألمنيوم وحديد ومصانع أدوية ومطاحن ومصانع غذاء ومزارع عملاقك ومعامل سجاد وأجهزة منزلية وأسواقا مركزية وهي المقاول الرئيسي للحكومة!.
هذا غيض من فيض فساد المعممين أرواحهم للجحيم الفداء!.
هكذا يسيطر المعممون سيطرة على المجتمع الإيراني واقتصادهم
