هل محمد الفاتح هو المقصود بالحديث الشريف!؟

مقالات

هل محمد الفاتح هو المقصود بالحديث الشريف!؟

يوسف علاونة

••••

هناك من المسلمين من يقول بأن الله أكرم السلطان العثماني محمد الفاتح بجريان فتح القسطنطينية على يديه، فحمل عليه الحديث النبوي الشريف: “لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”، وأن هذا الفتح لم عدوانا ولا احتلالا بل فتحًا عظيمًا، فإن الروم كانوا هم من بدأوا العدوان على أمة الإسلام.
لكننا نطرح سؤالا سيكون صادما للكثيرين، فهل فعلا يصدق عليه الحديث إن صح؟، أم يصدق عليه إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر؟ والعياذ بالله، بينما الثابت أن محمدا (الفاتح) بن مراد هو أول من حكم بالقوانين الوضعية منحيا الشريعة جانبا ب “قانون نامه” والذي أجاز فيه قتل الحاكم المبايع لإخوته خشية أن ينازعوه السلطة، وهو قانون كسروي قديم، وعمل فيه كثير من الطغاة عبر التاريخ.
‏ومعلوم أن (الفاتح) هذا أمر بضريبة الغلمان، وسار على نهج جنكيز خان ب “الياساق”، أما جيشه فهم الانكشارية الذين اشتهروا بترك الصلاة وفعل المنكرات وكانوا على الطريقة البكتاشية النصيرية يقينا، وثاروا على الصدر الأعظم لطفي باشا حينما أغلق الحانات ودور الدعارة، وثاروا على مراد بن سليم حينما أصدر فرمانا بمنع الخمور حتى الغاه، فإذا قلنا نعم الأمير فماذا عن الجيش!؟.
‏والياساق أو الياسا الذي اشتق منها محمد الفاتح (قانون نامه) هو نفسه قانون التتار الذي وضعه جنكيز خان للمغول حينما نصبوه (خاقان) اعظم وفيه عقوبات عنيفة صارمة جدا فمن يغش الخبز مثلا تخرق يديه ومن يفعل كذا يجازى بكذا.. كان قانونا عنيفا جدا أراد جنكيز خان أن يؤدب التتار المتطاولين على المغل (المغول) وكان عاما

‏فن يأخذ سبية جاره أو مغوليا آخر يقتل، ومن يسرق يقتل، وهو قانون لا يؤمن بدين أو إله خالق، فهم ملاحدة
‏ولذلك كفر شيخ الإسلام ابن تيمية المغول والسلطان قازان وإن ادعى الإسلام بسبب تحكيمة الياساق على أحكام الشريعة وهو دليل على أنهم إنما دخلوا الدين للدس لا للهداية.
وقد ‏غير محمد الفاتح كثيرا في الياساق لكنه أضاف إليه قانون قتل الإخوة، وجاء بضريبة الغلمان وهي أقبح ضريبة عرفها التاريخ، وجاء بعده سليمان المشرع (القانوني) والذي زاد في القوانيين الوضعية وعدل في (قانون نامه) محاولا مماشاته مع الأنظمة الغربية.
وقد فضح الله بغضهم للمسلمين وحقدهم على السنيين بكتابات مفتي الباب العالي اللاجئ لمصر بعد زوال الدولة العثمانية حينما صنف كتابة المشهور (تأنيب الخطيب) فسب علماء السنة وتابعي التابعين والحفاظ في حين أنه دافع عن أحمد بن ابي دؤاد ومن معه والذين آذوا أهل الإسلام في مسألة خلق القرآن، وكذب كذبة قبيحة في حاشية كتاب (الرد الصقيل على ابن زفيل) للسبكي وقال عن ابن تيمية إن ابا بكر ابن العربي كفره وابن العربي مات قبل مولد ابن تيمية بقرن من الزمان.. أي أنه حمار حتى في الكذب!.. وحرف كثيرا في الوثائق والمراسلات التي كانت بين إبراهيم باشا ومحمد علي وكانت بخصوص لقائه مع سادلير، وهذا قابل ابراهيم باشا لهدف وطلب منه طلبا وجعل الرسالة مبهمة ولم يوضح ماذا كان يريد سادلير وبقي السر مكتوما حتى اراد الله أن يفضحهم حينما طبعت مذكرات سادلير وسر رحلته من عمان إلى القطيف ثم إلى نجد ثم للمدينة حيث لقي إبراهيم باشا وطلب منه غزو القواسم غير أن محمد علي باشا تلكأ بسبب أولا أن هذه الغزوة لا فائدة له بها فالاتفاق أن تكون تحت الحكم العماني البريطاني فيما بعد، وكذلك أنه خرج منهكا من معارك نجد فرأى أن لا يبتعد بالجنود أكثر فقد حصل مراده وهو تدمير الدولة السعودية وهدم الدرعية!.
إن فتح القسطنطينية فتح عظيم دون ريب، لكنه ليس الفتح المنتظر الذي ننتظره آخر الزمان لأسباب كثيرة.
علينا أيضا أن ننتبه لمفارقة تاريخية في هذا الفتح حيث تزامن مع سقوط الأندلس، فلكأن الكاثوليكية الصليبية تآمرت مع الأتراك على الدولة العربية في مقابل سقوط الدولة البيزنطية الأرثوذوكسية.
ونلفت أيضا إلى أن (ماتوريدية) الأفجر من سواهم من أمثالهم والأكثر حقدا على أهل السنة ورغبة في تفريقهم، ومن عجيب فكرهم تحريم صلاة الحنفي الماتوريدي خلف الشافعي والمالكي الأشعري، ولذلك فرقوا جماعة المسلمين وهم أول من أحدث هذه البدعة وجعلوا في الحرمين اربع محاريب!.
وفي سائر بلدانهم كان يصدر فرمان بأي جماعة تصلي أولا وكانت دائما الحنفية، ثم بعدها المالكية ثم الشافعية ثم الحنابلة!.
ولك أن تنظر للمشكلة عند صلاة العصر مثلا فالأحناف يؤخرونها لاحمرار الشمس فتدخل في وقت الكراهة عند الآخرين فلا ينتهون من الصلاة حتى تكاد الشمس تغرب بينما ثلاث جماعات تنتظر!.
ورحم الله الحرمين بالملك عبدالعزيز حينما خاطب علماء مكة بأسلوب عامي فقال ألسنا كلنا مسلمين!؟.. فلماذا نصلي إذًا في جماعات متفرقة!.
ثم قسم الصلوات على الإئمة حنفيهم وشافعيهم ومالكيهم وبقية المسلمين يصلون خلفهم، وهذا جزء بسيط مما وجدناه من ماتوريدية الأتراك الذين يقولون بخلق القرآن ويجحدون صفات الله ويسبون مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله جميعا.
وهل تعلم أن مفتي الباب العالي محمد زاهد الكوثري
‏ألف كتابا هذه صورته بالأسفل سماه تأنيب الخطيب يقصد المحدث الشافعي أبو بكر الخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد.. وفي هذا الكتاب طعن (الإمام) الكوثري ب 300 من أهل الحديث والفقهاء من السلف منهم سبعون حافظا!؟.. وشتم في هذا الكتاب الإمام مالك، إمام دار الهجرة وطعن في نسبة الصريح، ثم بعد ذلك شتم الشافعي و طعن في نسبة القرشي المطلبي الصريح ثم بعدها سب الشافعي وأحمد ثم كفرهما (بالجملة مرة وحدة).
وقد أثار هذا الكتاب حفيظة علماء السنة والصوفية فكثرت على افتراءاته الردود، فرد عليه الغماري وغيره من علماء المالكية، لكن أفضل رد عليه كان للعلامة الجليل حفيد أبي بكر الصديق الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي في كتابة الرائع الفريد “التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل”، ومن أظرف ما فيه أن الكوثري شتم أحد الحفاظ وقال فلان هذا ربما روى هذا الحديث وهو سكران
‏قال المعلمي: إنما كان يشرب النبيذ برخصة المذهب الحنفي ثم إنه تغير من مذهب الحنفية إلى مذهب الإمام مالك وتاب عن شرب النبيذ!.
أما القنبلة الأخيرة فهي أن عربي هو السبب في فتح القسطنطينية فهو من قتل الامبراطور وأجهز عليه ومع ذلك لا يوجد كتاب تركي واحد يذكر اسمه، الأمر الذي أعيا عتاة الباحثين!.
وفي زمن الفاتح لم يكن هناك أي نفوذ للترك على جنوب الاناضول أو البلاد العربية ومع ذلك كان العنصر العربي هو الأهم في تكوين الجيوش، وكان أكثر من يذكر هذا هو المؤرخ اللبناني بسام العسلي وذكر أن شراسة العرب وشجاعتهم كانت حاسمة للمعارك!.