وسقطت قناة الجزيرة

مقالات

‏بقلم: عوض العبدان
‏==
عندما انطلقت قناة الجزيرة عام 1996 لم أستطع إيقاف تدفق الدموع من عيني فرحا!.
‏كنت أيامها شابا مندفعا يملؤني الحماس، متشوقا ومتحمسا لموقف أو خطوة عربية جريئة تكسر الحاجز الذي وضعنا فيه والذي دائما ماكان يصنفنا على أننا دول متأخرة ومتخلفة.
‏قلت انطلقت قناة الجزيرة، وبسرعة البرق أصبحت بالصدارة ولم يعد بإمكان الإعلام العربي اللحاق بها!.
‏في ذلك الوقت اعتقدت أن هذه بداية جديدة لعهد عربي جديد، وأن أول حاجز تم تخطيه بنجاح، وتدفقت الأحلام في رأسي فما دمنا نجحنا في الإعلام فسننجح في الصناعة والزراعة والإقتصاد والرياضة والفن والعلوم والسياسة والقوة العسكرية وو.. كان جموح الأفكار وتفاصيلها بلا أول وآخر!.
‏وقتها قلت في نفسي: انه العصر الذي لطالما حلمت به، وأكثر شيء أثارني وزاد من حماسي هو إدعاء القناة انها لا تتبع سياسة الدولة القائمة عليها!.
‏لم أعر اهتماما لعدم انتقادها الشأن الداخلي القطري رغم انها انتقدت كل الدول العربية بلا استثناء، واعتقدت انه ليس في قطر أحداث تستحق تسليط الأضواء عليها.
‏وكنت أرى كل اعلامي يعمل في قناة الجزيرة فارسا مغوارا عربيا قوميا يحمل هموم الأمة!.
‏ثم دارت عجلة الأيام وبدأت القناة تقطف ثمار عملها وبدأت الثورات العربية.
‏الشعب العربي يثور
الشعب العربي حي
‏الشعب العربي يستعيد هيبته!.
‏هكذا كنت اتصور.. كانت نشوة الإنتصار والأمل تملأ جوارحي، وقناة الجزيرة أصبحت رمزا للتحرر العربي، ورمزا للتقدم ورمزا للبطولة.
كانت هناك أصوات تهاجم أو تنتقد القناة بل وأحيانا تتهمها بالعمالة هنا وهناك.. لم اعر أي اهتمام لهذه الأصوات.
إنهم أعداء النجاح والمتخاذلين والمنبطحين والرجعيين.
كنت مولعا لدرجة الهوس بمتابعة القناة ما دمت مستيقظا فلا مجال لقناة أخرى غير الجزيرة!.
‏ثم حصل ما لم يكن في الحسبان، فقد قامت القناة بتغطية مباشرة لما يسمى بقضية خاشقجي.. قضية إنسانية وكلنا نتعاطف معها ولا بأس في أن تقوم القناة بتغطية الموضوع، فهذا ما تصورته في البداية، لكن الأمور بدأت تأخذ منحى آخر!.
‏فلم يعد الأمر تغطية إخبارية!.
‏لم يعد الأمر محايدا..
‏لم يعد الأمر عفويا..
‏بل أصبح هجمة منظمة، وضد من؟.. ضد بلد عربي كبير.. المملكة العربية السعودية.
ولم يعد هدف القناة إعلاميا، بل أصبح مؤامرة مكتملة الأركان.
ماذا دهاكم يا قناة الجزيرة؟
‏ماذا يحصل؟
‏لماذا تصبون الزيت على النار!؟
‏صارعت نفسي.. هل هذه هي القناة القومية العربية التي لطالما تفاخرت بها؟.. استهدافها للمملكة العربية السعودية نظاما وشعبا وأرضا أصبح كارثة، ثم ما هذا التنسيق الكبير بين القناة وقنوات اخرى ومواقع وصحف وكتاب ومحللين.. تنسيق لم يحصل في أي وقت سابق.. كل هذه المؤسسات الإعلامية والسياسية شنت أكبر هجمة إعلامية في تاريخ الكرة الأرضية ضد السعودية.
‏شيء آخر لم أنتبه له طوال متابعتي للقناة ولسنوات عديدة وهو التنسيق الغريب والعجيب بينهم وبين الإخوان المسلمين!.
‏يا إلهي، هل ما أراه وأسمعه حقيقة!؟
قناة الجزيرة الليبرالية يتضح انها اخوانية!.
‏لم أصعق بحياتي كهذه الصعقة، عشت زمنا في ذهول أتساءل ما بال هؤلاء الأبطال الأشاوش مذيعي ومقدمي القناة!؟
‏هل هم جزء من هذه المؤامرة أم أنهم مغلوب على أمرهم!؟
‏أسئلة كثيرة تدور وتدور في رأسي، وربما يسأل البعض لماذا تثير هذا الموضوع اليوم
وقد مضى عليه وقت من الزمن؟.
‏إن ما دعاني الى الكتابة اليوم هو موقف القناة من الأحداث الجارية في العراق!.
‏تخيلوا لو أن هذا الأمر يحصل في مصر أو الأردن أو أي بلد غير إخواني أو غير موالي لإيران!.
‏كيف كانت ستغطية قناة الجزيرة!؟
أخيرا
‏أقول للقناة:
‏لقد أضعت اكثر من 20 سنة من عمري وأنا مخدوع بشعاراتكم، ولن أضيع بعد اليوم معكم.. لحظة أخرى.